أخبار

عساكرنا ..منابرنا

أن يرى “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة وإمام الأنصار خللاً في الدولة وعيباً ووجه ظلم سواء كان ذلك في الجهاز المدني التنفيذي أو للقوات النظامية، فمن حقه كمواطن ومقدم على قومه ولمكانته أن يقول إن هناك خللاً وتجاوزاً ومن حق الجهة التي عليها الاتهام التقصي والتحري، فإن وجدت الأمر صحيحاً أدارت دوائر الحساب والعقاب. ليس بالتأكيد من حق “المهدي” أو غيره تعميم الاتهام والقفز به ليكون مسدساً للتصويب والقنص (من طرف) وبالإجمال، وهذا عين ما ارتكبه الحسيب النسيب بحق قوات الدعم السريع والتي هي قوة نظامية أسست بقانون معلوم ووفق مراجعات استوفت كل مراحل تكييف وضعها، من حيث المأذونية التشريعية والإجرائية الخاصة بالأنساق العسكرية ومؤسساتها. وشيدت من ضباط وجنود ومهام وفق مقتضيات احتياجات الأمن القومي الصحيحة، بناءً على تقدير قيادة هذه البلاد ومسؤوليها الذين ليس من واجبهم قطعاً التشاور مع كل من هب ودب في مثل هذه الأمور.
الدعم السريع لم يهبط في واقع المشهد الأمني والإعلامي من السماء، هي قوة نظامية مرتبة القيادة يتم الاختيار لها وفق معايير معروفة في العمل العسكري النظامي. وبهذه القوات سودانيون صحيحو النسب معروفو الأسر والعوائل وبها ضباط حازوا قبل الالتحاق بها أروع براءات التأهيل الأكاديمي، ولهم من الخبرات العامة والعسكرية ما يشرف أي عسكري، وفيهم نفر من أميز الضباط الذين لهم سابق خدمة بالقوات المسلحة في سنوات مضت. وقد قامت القوة إلى مهامها وبذلت في سبيل هذا البلد دماء عشرات الشباب والرجال ممن سقطوا هناك، في دارفور وجنوب كردفان ذوداً عن حياض كامل السودان بما فيها متكأ الإمام “الصادق” الذي يلتقي فيه ضيوفه من السودانيين والأجانب، فيمنح هذا حديثاً صحفياً و(يجرتق) ذاك واللهم لا حسد.
الإمام خلط بين خيار النقد للسلوك الشخصي لأحد ما منتمٍ لجهة ما وبين تلويث السمعة الشامل، وهذا معيار يجوز ببساطة إدانة حزب الأمة بسلوك أي عضو فيه مشى بفعل منكر أو سلوك قاصر، ولا أخال أن هذا اتجاه سيرضي إمام الأنصار وأقول – كما يقول الإمام – إنه كان يمكن أن يقدم للناس درساً ومرافعة نيرة في الامتثال لهيبة القانون وتساوي الجميع أمامه، لو أنه أتى وامتثل للنيابة وإجراءاتها مثله مثل العشرات، لكنه أبى وتكبر وتعامل مع الواقعة بكونه قديساً لا يمس وكبيراً فوق الجميع وأنه الإمام لا كذب. وهنا يجب أن يكون لنا قول واضح وصريح لا مجاملة طالما أن الأمر إجراء قانوني وفق أحكام الدستور وليس شخصنة لحالة “الصادق المهدي”.
أن يحول رئيس حزب الأمة الحدث إلى (سيرك) فذاك أمر يخصه، وأن يرى البعض في المسألة حيزاً للتسوية السياسية فذاك أمر يخصهم. لكن الصحيح الذي يجب ألا يتم تجاوزه أن القانون يجب أن يأخذ مجراه إلى النهاية. ومثل عشرات الشباب والرجال ممن أوقفوا وسجنوا لسنوات بإدانات تتعلق بتقويض النظام الدستوري ولم يبك أولئك في المنابر أو يحشدوا الحشود.
فليصبر ويتجلد، وإن كان الحوار الوطني سيعني أن نبصق في وجه وظهر من يؤمنون البلاد بالأرواح والمهج فتباً للجميع، عساكرنا منابرنا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية