أخبار

الطبيبة (2)

إذا كان سيدنا “أبو بكر الصديق” قد خاض حرب الردة لتثبيت أركان الدين حتى لا يغادره الناس بموت الرسول صلى على الله عليه وسلم، فأي مصلحة ترتجى من جز عنق طبيبة أنكرت هي انتماءها للإسلام، وأنكرت انتماءها لأسرتها المسلمة وتزوجت من أجنبي يحمل أصولاً كانت منا ويحمل جواز سفر لدولة معادية لنا؟.. الأستاذ “حسين خوجلي” وحده دون سائر الإعلاميين قال قبل إصدار الحكم في مواجهة الطبيبة.. هل القضية التي تثار الآن قضية جنائية؟؟ أم هي قضية فكرية؟؟ وأضاف “حسين خوجلي” بجرأة مطلوبة.. إذا كان هناك المئات والآلاف من النصارى والروحانيين يهديهم الله يومياً لدين الحق والفضيلة ويدخلون في الإسلام أفواجاً لماذا يثور المسلمون (ويقوم نفسهم) لمجرد أن فتاة ارتدت عن الإسلام؟.
لقد أفتى من قبل الدكتور “حسن الترابي” الفقيه العالم بأن المرتد عن الإسلام لنفسه لا يقتل ولكن لمرتد الذي يباهي ويفاخر بردته ويفشي بين الناس الفتنة بأن يتحدث عن أسباب ردته عن الإسلام.. فهذا يقتل حتى لا يحمل آخرين على سلوك طريقه!! أما من يرتد في نفسه ففي هذا العصر لا مصلحة للإسلام ولا المسلمين في قتله!! ولكن الخلافات السياسية عصفت بآراء “الترابي” واتخذت تلك الفتوى ذريعة للنيل منه وتكفيره ونصب المشانق لجز عنقه، فلماذا اختار د.”الترابي” الصمت وأمام ناظريه قضية أثارت جدلاً في الأوساط السياسية والفقهية؟!! وهل لصمت “الترابي” حتى الآن علاقة أيضاً بحسابات السياسة حيث بات “الترابي” في الأيام الأخيرة قريباً من مركز صناعة القرار في الحكومة وحزبها؟
وقال الدكتور “مصطفى الحباب” مؤسس مركز صناعة الفكر عند تقديمه للدكتور “محمد مختار الشنقيطي” وكتابه عن الحركة الإسلامية إن حركة إسلامية إصلاحية تغفل الدراسات العلمية والتحليلات الموضوعية لواقعها ومستقبلها كله أو بعضه أو تؤجل الأعمال النقدية التقويمية المرتبطة بمراجعة المسيرة الإسلامية والاستفادة من التجارب لغيرها ولها أو تهمل البحث العلمي وتعطي أولوية للدعوة والوعظ والشغف بالمؤتمرات الشكلية وبعض التحرك الارتجالي أو التأليف غير المنهجي وتعيش لحياتها وهمومها وتركز على قضاياها الخاصة الداخلية هي حركة غير جديرة بالتغيير وإعادة صناعة التاريخ وقيادة البشرية مهما حملت من رايات وشعارات لتغيير الواقع وبناء التاريخ.
ونحن هنا لا نطمح لما ذهب إليه د.”الحباب” من أشواق بعيدة وأمنيات مستحيلة، ولكن أمام قضايا كردة الطبيبة عن الإسلام وهل المصلحة في قتلها حداً؟ أم المصلحة في اتخاذ فقه التقية وتقدير مصلحة بقاء النظام الذي يتربصون به والنأي بالسودان كبلد ربما يصبح غير قابل للحياة بعد سنوات قليلة إن لم يتراضَ أهله على اتفاق للعيش معاً.. تقتضي مصلحته أن لا يزيد من محنه محنة ومن فيوضه كيل بعير!!
إن قضية الطبيبة التي صدرت أحكام بإعدامها حداً.. ستتم إثارتها في مجلس حقوق الإنسان خلال الدورة الحالية.. وينتظر من وزير العدل الذي تهدد عرش عدله الحرب غير الأخلاقية التي تستهدفه من خصومه ومناوئيه ومطلوب منه الدفاع عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان والإجابة على السؤال عن حق الاعتناق وحرية التدين في السودان المنصوص عليها في الدستور؟ وكيف عقوبة الإعدام على مسيحية لم تعترف يوماً باعتناقها الإسلام؟ مثل هذه القضية لا ينبغي النظر إليها في سياق الرؤية الجزائية والعقابية فقط.. إنما بأبعادها الحضارية والفكرية وأضرارها بمصالح المسلمين أينما وجدوا؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية