الديوان

عميد كلية الفنون والموسيقى والدراما بـ(جامعة جوبا) في إفادات مهمة لـ(المجهر): (1-2)

ضيف مساحتنا القادمة درامي وكاتب مسرحي.. من كتاباته “الولادة إلى الرحم”، “نواح الأمكنة”، “الأمل الأخضر”، “طقس الدم”، “قصة حي بجيتار”، “توبة فاست” و”العذراء الشرسة”.
تلقى تعليمه الأساسي والثانوي بمدارس الخرطوم، وتخرج في (جامعة السودان) العام 2003م، ثم عمل معيداً بها حتى العام 2011م، وفي العام 2009م نال درجة الماجستير لتنتهي رحلته العلمية في العام 2012م برسالة الدكتوراة، وكان جزءاً من رسالته تطبيق عمل على الصورة المسرحية في “ألمانيا”.. الآن يشغل منصب عميد (كلية الفنون والموسيقى والدراما) بـ(جامعة جوبا)، إنه الدكتور “جاستن جون بيلي”، التقته (المجهر) وأجرت معه هذا الحوار فالي مضابطه..
} في البداية سألناه عن المناخ الثقافي في “الجنوب” بعد الانفصال؟
– بعد استقلال “جنوب السودان” جاء في بالنا كمبدعين البحث عن كيفية استخدام الفنون في تأسيس وبناء هوية ثقافية عبر الفعاليات الفنية المختلفة من رقص وموسيقى ودراما وفنون شعبية وتشكيلية، لإيماننا بدور هذه الفنون في تشكيل وجدان المجتمع وإسهامها في بناء التاريخ الإنساني.
} حدثنا عن علاقة المجتمعات الإفريقية بالفنون؟
لا يمكن فصل الفنون عن التحولات الاجتماعية والثقافية في إفريقيا، وذلك لاعتقاد الشخص الإفريقي في دور الفنون وريادتها في التعليم، ونقد التجارب الذاتية، وتجسيد المعتقدات وعكس التحولات الاجتماعية المحدودة، لذلك تصبح الفنون في المجتمعات الإفريقية لصيقة في البناء الاجتماعي والايدولوجيا، الشيء الذي دفعنا للإيمان بالدور الذي تلعبه في المجتمع المحلي لـ”جنوب السودان”، ونحن نراهن على المستقبل بهذا الكم الهائل من الأحلام لتحقيق هذه التجربة.
} هل قمتم بتأسيس كيان لإدارة النشاط الإبداعي في دولة الجنوب الوليدة؟
نحن على أعتاب مرحلة أولية لتأسيس الدراما والفنون في “جنوب السودان”، وتعتبر مرحلة صعبة لكن مهمة لوضع خطط مستقبلية للدراما، وهذه المرحلة تؤسس للاستفادة من كل الخبرات التي اكتسبناها من “السودان الشمالي” قبل الانفصال، وهي تجربة مفيدة لتأسيس كيان نقابي يجمع الفنانين ويدافع عن قضيتهم، ويضع خطة إستراتيجية لإدارة النشاط الفني والإبداعي، وفي نفس الإطار تكوين الفرق والجماعات والجمعيات والشركات المسرحية لتساعد في تطور الحركة المسرحية من خلال النشاطات، وتلك واحدة من الأشياء الأساسية لوضع الخطة المستقبلية للنشاط الدرامي عبر المواسم المسرحية والمهرجانات.
} مسرحياً ما هي المدارس التي تأثرت بها؟
– تأثرت بالثقافة الإفريقية وهي تقدس الجسد بصورة كبيرة، والجسد يعتبر القاموس الثقافي والديني والاجتماعي وذاكرة التاريخ للإنسان الإفريقي.. ثم الاتجاهات الحديثة في مجال التصميم الحركي وبناء الجسد بصورة علمية.. وثمنَّ التجارب الشرقية مثل، “الصين” و”اليابان” و”الهند” وتعاملهم مع الجسد في صورته المقدسة.
} لاحظنا وجودك كخبير أجنبي في لجنة التحكيم الدولية لـ(مهرجان البقعة) في دورته الأخيرة.. كيف كان شعورك وأنت تشارك في هذا العام كأجنبي؟
– دائماً التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تؤثر في المجتمعات والتقسيمات الإقليمية، وأعتقد أن المشاركة في المهرجان كعضو في لجنة التحكيم الدولية، أعطاني مساحة زيارة المسرح السوداني وإدراك التجارب الشبابية الجديدة، ومعرفة الوجوه الجديدة، وتطور التجريب في مسرح الشباب، وملاقاة رواد المسرح مثل “ذو الفقار حسن عدلان”، وهي تجربة لتلاقح المسرح هنا وهناك، والتخطيط لمشاريع مشتركة.
} لو عاد السودان موحداً.. هل تستقر في “الخرطوم” أم تبقى في “جوبا”؟
– الوحدة حلم لا يمكن أن يكون بل هي افتراضات، وأنا كمسرحي جنوبي أتعامل مع الواقع.. انفعل وأتفاعل معه لعكس رؤية جمالية محددة.. واستقراء للواقع الآن والتفاعل معه في خلق رؤية إبداعية مسرحية.
} حدثنا عن تجربتك مع المسرح في مناطق الصراع؟
– أكثر من نصف عمري شغال في المسرح في مناطق الصراع.. تجربة اعتز بها جداً، وأتمنى الاستمرار في المسرح ما دمت في مجاله.
} في اعتقادك ما الفائدة التي جناها المسرح في مناطق الصراع؟
– المشروع لم ينته، وهو مستمر كل مدة يخلق جسور تواصل بين أطراف النزاع.
} المسرح السوداني هل يقود المسرح الإفريقي؟
– لا يمكن.. لأن العلاقة بين الفنون السودانية والإفريقية والعربية والعالمية ليست علاقة قيادة بل علاقة تبنى على التزاوج والحوار والأخذ والعطاء المتبادل.. والفكرة الأساسية الحوار أكثر من القيادية والانطباعية.
} هل هذا يعني بأن ثقافة “شمال السودان” ضد الثقافة الإفريقية؟
} المثقفون الشماليون ليسوا ضد الثقافة الإفريقية بدليل كتابات” د. خالد المبارك” الذي لديه عمل مسرحي درامي، ورث الشلك وكتابات السفير “جمال محمد أحمد”.
} ما هي إسهامات الكتاب المسرحيين الجنوبيين؟
– كتاباتهم متواصلة ومستمرة، وفيهم شباب واعد للمسرح.
} هل من الممكن أن نشاهد عروض مسرحية من “جوبا” والعكس دون التعرض لمضايقات؟
– لا توجد مضايقات أصلاً.. الفن هو تواصل إنساني كبير.. والفن للفنان جواز سفر للإطار الجغرافي لتقديم الخير والحق والجمال.
} هل صحيح أن الإنسان الإفريقي يتميز عن غيره من الأجناس بمهاراته الجسدية؟
– أي جسد إنساني قادر على أن يعبر عن ثقافته بصورة عميقة جداً، ولكن الجسد الجد المدرب بصورة سليمة يعي تماماً الطاقة الروحية للجسد، ويستطيع أن يعبر كل الحدود الثقافية ويصل إلى المرتبة النورانية في الأداء وهي حالات الجسد المقدس.
} هناك من يرى أن الدول المجاورة لكم فرضت ثقافتها عليكم؟
– أرفض هذا الكلام.. الثقافة هي حياة الشعوب وهي طاقة لا تموت تتجدد بالتلاقح المستمر بين الشعوب وبتنوعاتها واعتقاداتها المختلفة، والجنوب “زيو ذي” أية دولة منفتحة لكل الثقافات في حوار متواصل مع الثقافات الأخرى، وهو شرط وجود لعصر التواصل والتكنولوجيا والشفافية.
} هل ترى أن المستقبل للأداء الحركي في المسرح؟
– هذه مرحلة الصورة في كل العالم، وتلعب دوراً كبيراً في التعليم والتوبيخ والسياسة والثقافة والاقتصاد. والصورة في كل مكان لها القدرة في تغيير الصورة الاجتماعية للشعوب.. الصورة هي الكلمة الأقوى.
} بصفتك عميداً لـ(كلية الفنون والموسيقى والدراما) بـ(جامعة جوبا).. ما هي إسهامات الكلية في المشهد الإبداعي هناك؟
– الكلية ليست بعيدة من مرحلة التأسيس، ونحن في خطوات جادة لبداية النجاحات بالخطة التي وضعناها ونسعى لتحقيق الإشرافات اللازمة لتأكيد ريادة الكلية في صناعة القائمين على العمل المسرحي والموسيقي والفني في “جنوب السودان”.
} هل يوجد نشاط مسرحي بالجامعة؟
– نعم النشاط مستمر.. يوجد مهرجان شهري تقوم به الكلية في مشروع “الطريق نحو الاحتراف”، وهو مشروع يهدف لبناء وتطوير العاملين على المسرح في التقنيات الاحترافية الدقيقة في التمثيل والإخراج في الصورة المشهدية.
} انطباع “د. جاستن” أستاذ التمثيل عن انعكاسات مهارات التمثيل في (مهرجان البقعة الدولي الرابع عشر)؟
– نحن في لجنة التحكيم شاهدنا العروض وإخفاقاتها في التمثيل والإخراج والكتابة، رفعنا توصيات لمدير المهرجان وأملنا تحقيق هذه التوصيات للارتقاء بالمسرح السوداني خاصة فيما يخص تجارب الشباب.
} رسالة لشباب المسرح هنا وهناك؟
– الكسل لا يصنع مسرحاً، والتفكير السطحي لا يصنع جمالاً.. المسرح عمل لأشخاص يجيدون كيفية الانتظار والبحث الدقيق لتأسيس عمل مقيم.
} كلمة أخيرة؟
– المسرح عمل قائم على التنوع، وهو يعطي انعكاسات التجربة الفردية والايدولوجيا الفكرية في التخطيط والتشكيل وبناء الصورة الجمالية، وأي كان شكل العروض للمسرح سيظل يشكل انعكاس التنوع والفردية في تشكيل الفضاء حتى لو تناول نصاً واحداً، لذا يظل المسرح عنوان التنوع الثقافي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية