مجرد سؤال

(الخبز) الآن في حجم عملة (الريال) القديمة

بالرغم من الحديث الكثير جداً حول الخبز وتحسينه وزيادة وزنه من قبل حكومة ولاية الخرطوم، إلا أن الخبز ما زال وزنه في حالة لا يعلم بها إلا رب العالمين، شكلاً وحجماً ومضموناً وحتى من النواحي الجمالية.. فهو يفتقر إلى المقومات التي تجعله خبزاً.. فمن ناحية الحجم، فالرغيفة الواحدة تساوي (لقمتين فقط)، بمعنى لا تسمن ولا تغني من جوع، ومن الناحية الجمالية تخجل جداً أن تضعه في صينية الفطور أو الغداء، وبالتالي لا تستطيع أن (تعمل منه سندوتش) لأنه ليس بالإمكان شق الواحدة منه لحشوها لأنها تتفتت بين يديك.. وأما المضمون فهو لا يحمل أية قيمة غذائية، بل ستصاب بالمرض إذا تناولته لأنه فاقد للقيمة الغذائية.. أما من ناحية الشكل فكل يوم بشكل جديد وتصميم جديد وألوان مختلفة.. مرات (نيء) ومرات (محروق).. وهكذا.
هذا هو حال خبزنا يا والي الخرطوم.. أين مواصفات الخبز التي تتحدثون عنها؟ وأين اتفاقكم مع اتحاد المخابز بأن يكون حجم الرغيفة الواحدة (70) كيلوجراماً.. فكل الأشياء التي تتحدثون عنها لا نراها على أرض الواقع، فقط نقرأها ونسمعها أو نشاهدها عبر الأجهزة الإعلامية.
(كل زول شغال على كيفو) دون مراعاة للجودة والمواصفات المطلوبة.. فلماذا لا تتم محاسبة من لا ينفذون الاتفاق؟؟ فالمواطن والله العظيم (زهج) من هذه التصرفات لأنها أصبحت غير محتملة وأصبح لسان حاله (رضينا بالهم والهم ما راضي بينا).. مجبور على شراء الخبز، ولكن هل يعقل أن يشتري بجنيه (3 رغيفات) لا تشبع طفلاً صغيراً؟ وكان ما الجبر هي في حد ذاتها لا يتم تناولها لأنها كما ذكرت في المقدمة تفتقر للكثير من المقومات، ولكن (البديل مافي).
أنا أعرف الكثير من الأسر لجأت إلى صنع الخبز بالمنزل ورجعت إلى المربعات الأولى (العواسة والكسرة وصنع الخبز).. بقروشهم ولا يجدون ما يسد رمقهم، فالمرتبات لا تفي بكل هذا وهي ضائعة ما بين الإيجارات والكهرباء و(الموية) والاحتياجات اليومية المتجددة (دا بدون المرض)، فإذا جاء المرض فحدث ولا حرج، لأنه يدخل بدون استئذان.. كالموت، هو الشيء الوحيد الذي لا نعرف متى سيأتي.. المرض يضطرك لبيع منزلك إذا كان لديك منزل.. تبيعه لأن العلاج تضاعفت فاتورته (وكان ما عندك قروش تموت).. فالبيوت أسرار، وهنالك الكثير من الأسر المتعففة جداً ولا نعرف مدى حاجتها حتى ولا تشعر بحاجتهم وإن كنت جاراً أو من المقربين منها، فهؤلاء أغنياء من التعفف، وأمثالهم يموتون بدون أن نشعر بحاجتهم للدواء.. فالسودان جله فقراء.. والفقر جاء للأسباب المعروفة، ولكن المرض يأتي بطرق عديدة أولها انعدام الغذاء الصحي.. وأمراض نقص الدم كثيرة جداً بالسودان، ونقص الدم يأتي من نقص الغذاء الصحي، أما أمراض السكر والضغط والقاوت فـ(دي أمراض المرتاحين ) كما يقول الفقراء.
الآن نعاني نحن في السودان من عدم توفر الغذاء الصحي، وطالما أن الخبز الذي يعدّ غذاء معظم المواطنين وصل إلى هذه الدرجة فمن المستحيل أن نجد مواطناً واحداً صحيحاً، فالمواطن إذا توفرت له الخدمات الجيدة الممتازة لا أظنه سيتحدث كثيراً (وأكيد حيقول: والله نحن في نعمة نحسد عليها)، وهو ما زال رغم كل شيء شاكراً الله على نعمة النفس (الطالع ونازل).
أقول هذا وفي الخاطر طرفة حكاها لي أحد المعارف حدثت فصولها بالولاية الشمالية إبان فيضان (88) الذي قضى على كل شيء هنالك ولم يترك للمواطنين سوى أشياء قليلة ولكنهم كانوا حامدين شاكرين لأن الأشياء كانت بترتيب من الله سبحانه وتعالى الذي لا يضيع عبده ولا يظلمه لأنه ليس بظلام للعبيد.. تقول الطرفة.. عندما تم توزيع الدم للمتضررين سئل أحد المواطنين من قبل أصحاب الدعم: (كيف حالك يا حاج).. فكان رد الحاج كالآتي: (الحمد لله عندي شوال قمح وشوال ويكة وبقرتي تحلب).. ونحن نقول كذلك الحمد لله على كل الأحوال.. والله في.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية