قلة الأدب..!!
إحدى الإذاعات الخاصة على الموجات القصيرة والمملوكة لأحد الأفراد استمعت إليها بالأمس مصادفة فصعقت من هول ما سمعت، أحدهم كان يلقي قصائد شعرية مما تحسب في خانة النضال والثورية، كان واضحاً فيها غمزه ولمزه للإسلاميين، فهم عنده وفي شعره (ثعالب بلحى) وطواغيت وطغاة، وهم تجار دين، قتلوا الناس في ساحات الكذب بالموت (الغصب)! وسمى الرجل (ساحات الفداء) عيناً واسماً ورماها بكثير حقير!!
لو أن الإنقاذ والحركة الإسلامية (غارت) وخلف من بعدها خلف لما توقعت أن أسمع حديثاً مثل هذا، ولست حانقاً على القائل فتلك قناعته وقضيته وله ما شاء فيها من ظن واعتقاد، ولكن بالوقت ذاته لا أقبل أن يصادر حق الآخرين في التزام قناعاتهم، ولئن كان هو يرى النظام ومن شايعه طواغيت فليكن ولكن فليترك لبعض الشهداء منا مساحة اعتقادهم فيما يرون من فكرة وولاء، وقد عجبت له يسمي من سقط ميتاً او قتيلاً تحت راية حزب الرفاق شهيداً ويسمي من سقط في الجنوب من الإسلاميين ميت بالغصب والكضب!!
إن الحريات وحق الناس في التعبير يجب ألا ينصرف ليكون حالة من (قلة الأدب) وممارسة الهتافيات من بعض الذين كانوا مثل النساء يوم أن كانت جحافل الغزاة من أوغندا ومتمردي الجيش الشعبي تشد الخطى نحو كامل السودان وليس جوبا وحدها، يومها كان مثل ذاك الشاعر الدعي منزوياً في بيته بين قافية وكأس وآلاف الشباب من الإسلاميين يرمون أجسادهم تحت مجنزرات العدو ليمضوا إلى ربهم شهداء الله حسبهم، ويبقى مثل هذا الثرثار وثاني عطفه يجر الذيول بين كأس وقافية.
صحيح أن الإسلاميين قد دخلوا (السوق) وماتت قلوبهم وشغلتهم أموالهم وبنوهم، ولم يعد كبير فيهم يسمع إلا المدح والثناء، ولكن هذا لا يردنا عن الرد على ذلك النكرة، الذي يضع سمومه على بوق إذاعة شيدت بأموال الإسلاميين وبصك واحد منهم شقيقه الأكبر (شهيد)! إن حرية التعبير يجب ألا تعني أبداً وإطلاقاً مس جيل من أنظف السودانيين من آلاف الشباب الذين قبروا هناك في أطراف الجنوب وبلداته ليسلم هذا الوطن.
لا نحاكم قناعات أحد، ولا نهاجم موقف جهة، ولكن الشهداء خط أحمر.. إنهم أكرم منكم جميعاً و(أرجل)، ومن كانت له ثارات نضالية مع الإنقاذ أو “البشير” فليأتها بعيداً عن هؤلاء الشهداء.. لا تدنسوا نواياهم بقبيح شعركم، وجبان حرفكم وانحرافكم، ولا يظنن أحد أننا من شهدنا معهم المشاهد قد خرنا أو خارت عزائمنا والله إنا لجالسون، وإن (حمي الكوع) ليعرفن الناس إنا الرجال.
اللهم ارحم كل من سقط على كل ذرة من تراب هذا الوطن، دفاعاً عن دينه وأهله ورايته، في كل العهود والحقب، شهداء ولو كره المتحذلقون.