أخبار

"أمبيكي" جاء

هل تستطيع أخي القار إحصاء عدد الزيارات التي قام بها رئيس جنوب أفريقيا السابق “ثامبو أمبيكي” للخرطوم منذ عام 2005م، حينما وقعت الحكومة والحركة الشعبية على اتفاقية السلام الشامل، وأصبح للوسطاء الأجانب دور في السياسة السودانية؟ وما جدوى المبادرة الأفريقية لوقف النزاع في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان إذا كان “أمبيكي” نفسه قد تحسر على ضياع ثلاث سنوات من التفاوض واللهث وراء سلام يبدو مستحيلاً في القريب العاجل.. لأن اللاعبين الدوليين والإقليميين لا يضعون قضية الحرب في السودان كأولوية مثل حرب جنوب السودان التي تداعى لها كبار الغرب وصغار الأفارقة وأرغم “سلفاكير” و”رياك مشار” على توقيع اتفاقية لا تشكل قناعتهما والدليل على ما نقول أن كليهما رفض مصافحة الآخر ونظر الأخ لأخيه بعين السخط والغضب، كما نقلت كاميرات الفضائيات ذلكم المشهد الحزين.
الوسيط “أمبيكي” حينما يعود لأديس أبابا بعد يومين ومعه وفدا الحكومة وقطاع الشمال وهو (مقتنع) بأن العالم لا يضع حرب السودان في أولوياته وأن طرفي النزاع لا يملكان إرادة وقف الحرب إلا إذعاناً لضغوط أجنبية وخوفاً من تبعات رفض السلام كما حدث في عام 2005م، حينما وقعت اتفاقية السلام الشامل التي منذ يوم توقيعها بدأ التربص بها من قبل الطرفين الموقعين عليها حتى انتهت لأكبر فشل للجنة الحاكمة بانقسام السودان لدولتين.. والآن تخضع الحكومة لضغوط كثيفة من جماعات داخلية ترفض مبدأ التسوية للحرب وتحرض على الكراهية والحرب وتنثر خطاباً إعلامياً يدعو لإطالة أمد الحرب حتى القضاء على متمردي قطاع الشمال ومتمردي دارفور أو استسلامهم وفرض شروط المنتصر.. وبعض الجيوب المستفيدة من الحرب داخل الحكومة تتربص بمساعي السلام وتنثر أدبياتها في وسائط الإعلام في ظاهرها حرصاً على الحكومة وبقائها وباطنها السعي لديمومة الامتيازات التي توفرها الحرب.. وفي المقابل تنامت داخل الحركة الشعبية خاصة في جبال النوبة تيارات متطرفة تمارس الابتزاز الشديد للقيادة العسكرية وترهيب وتخويف المفاوضين بأنهم يتلاعبون بمصير القضية.. بل إن “بثينة دينار” التي تمثل وجهاً نسائياً مألوفاً في الحركة الشعبية قالت إن التيارات الانفصالية التي برزت كردة فعل للحرب الأخيرة داخل الحركة الشعبية قطاع الشمال قد هددت المفاوضين قبل توجههم لإثيوبيا بالقتل في حال توقيعهم لاتفاق جديد يجعل الخرطوم عاصمة لهم و”البشير” رئيسهم!! مثل هذه التيارات المتطرفة تنمو وتزدهر كلما امتدت الحرب وتطاولت.. وهناك تيارات سياسية داخل الحركة الشعبية تسعى لطمس هوية البلاد و(علمنتها) واعتماداً على بندقية الحركة الشعبية وهؤلاء قطاع من اليساريين المتبطلين في مقاهي القاهرة ولندن وكمبالا.
وما لم تدرك الحكومة مسؤوليتها الكبيرة نحو إقرار السلام والحفاظ على ما تبقى من السودان موحداً فإن بلادنا تمضي نحو هاوية سحيقة بخطى مسرعة وأي تنازلات تقدمها الحكومة من تلقاء ذاتها من أجل السلام أفضل لها من إرغامها على تقديم التنازلات وهي معصوبة العينين!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية