أخبار

صحافة المفتش كرمبو

هوجة ضبطيات الفساد، الصحيح منها والضعيف قتلت تماماً حراك الحوار الوطني، وقوضت هموم المواطنين في تتبع حجم الخدمات ومستواها، تراجعت عند الصحافة إشكاليات الصحة وخدمات المياه، انزوت في آخر القائمة التطورات الأمنية بدارفور، وهكذا صارت كل أمرنا يومية تحري أقبح ما فيها أن الصحافة كأنما تريد القول والإثبات أن هذا البلد ولاته خاسرون ووزراؤه فاسدون والقائمون على أمر العدالة فيه نهابون وبالإجمال والعربي فإن هذه الدولة إنما هي (كارتل) فساد ومأكلة !!
هذا اتجاه مؤذٍ، ويفكك هذا البلد ويعني ببساطة أن على المواطنين البصق على رمزية الدولة خاصة أن المنشور الآن في أحسن حالات دقته ومصادره يكون فسادا وخللا يقوم به البعض ولا يعني هذا بالضرورة أن الفساد عملية منهجية تقرها الحكومة وتدعمها، وأما الأقبح من هذا فهو القفز مباشرة للتجريم الشامل الذي يجعل من الفاسد في موقع ما مفسداً بالعموم لمؤسسته وجهته التي ينتمي إليها وربما فصيلته التي تأويه.
نعم الكشف عن مظان الفساد مهم ومطلوب بل وواجب ولكن ذلك يجب ألا يتم إلا وفق مهنية دقيقة وصارمة، وألا يكون (موضة) وانتهازية تتطلب صدارة بأغراض التوزيع والإثارة؛ لأننا كصحافة حينذاك سنتبع ضعيف الدليل القائم على الأخذ بالسهل والمتاح من معلومات لا يتم غسلها جيداً وتعقيمها فإن وقع النشر وامتد الضرر تمسكنا بحجية القانون والذي في أحسن حالاته قد يرد اعتبارك بتصحيح النشر في موقع البيان أو التعويض المادي وكلها مجتمعة لا تغسل أوضار العار والأذى المعنوي للشخص المعني والجهة التي يرتبط بها في الموقع العام أو الولاء الذي يمثله.
سياسة المجاراة ونهج الموضة كما قلت غيَّب قضايا وهموماً أخرى للمواطنين لا تقل أهمية وجدوى، الانقطاع الدائم لخدمات المياه، إشكالات التعليم والعام الدراسي على الأبواب، ترتيبات دعم معيشة المواطنين وشهر رمضان أقبل كلها قضايا تمتد وتتصل إلى نطاقات تهم الجمهور تنصرف عنها الصحافة الآن وهذا خلل يجب الانتباه إليه لأنه وببساطة وبهوجة حكايات المفتش (كرمبو) هذه سينحسر الأمر خاصة إن ثبت بشكل أو آخر أننا تورطنا في اتهامات وضح لاحقاً أنها إعلامية أكثر من كونها قائمة على سند قانوني صحيح.
أن يكون هناك فساد فهذا أمر لا يستغرب، فلسنا ملائكة أو منزهين عن الضعف ولكن الإيحاء والترسيخ إلى أنه أصل وسمت كامل للدولة والعاملين بها فإنه موقف يحتاج إلى ضبط وتقييم لأنه ضرره ببساطة أن السودان الوطن تشان سمعته وربما يكون في واقع الأمر سبب الإشانة أقل كثيراً مما يدمغ به، وستكون المحصلة آخر الأمر إضرار بالوطن ومصالحه لأنك ببساطة لا تستطيع أن تدعو مستثمراً أجنبياً لبلاد يقول أهلها إنهم لصوص وعلى هذا قس حينما يكون الحديث مع صناديق التمويل وفي مواقيت القروض والمنح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية