رأي

بدعة في الدين

قال الرسول “صلى الله عليه وسلم”: “من أم منكم جماعة فليخفف، فإن فيهم الكبير وذو الحاجة”.
هذا الحديث للرسول “صلى الله عليه وسلم”، وهو شديد الوضوح لا يحتاج لتفسير وشرح، يشير إلى أن الإطالة في القراءة ستسبب الإرهاق للناس وتجعلهم يشردون ذهنياً أثناء الصلاة، لذا كان الرسول حاسماً في هذه النقطة، ويقال إن هذا الحديث سببه أن الصحابي الجليل “معاذ بن جبل” كان يصلي بأبناء قبيلته ويطيل في القراءة، فذهب وفد منهم إلى الرسول “صلى الله عليه وسلم” فاشتكوا منه، فجاء الرسول “صلى الله عليه وسلم” وقال له: ” أتريد أن تكون فتاناً يا “معاذ”؟؟
يجد الناس حرجاً كثيراً عندما يطيل الإمام في القراءة، بل بعضهم قد يشعر بدوخة وآخرون يسقطون على الأرض، وكلهم يجدون حرجاً في أن يشتكوا من ذلك، لأنهم يظنون أن التأدب مع الصلاة يستلزم عدم الشكوى من الإطالة، وقد انتهز بعض الأئمة الفرصة وأصبحت الصلاة مناسبة لاستعراض حفظهم لأكبر سور القرآن.
مع أن ذلك لا يعني أن الصلاة ستزيد قيمتها درجة واحدة، فالصلاة بالسور القصيرة هي مثل الصلاة بالسور الطويلة، ولا توجد جائزة إضافية لمن يقرؤون سوراً طويلة، ولو كانت كذلك لتحدث عنها الرسول وحث عليها ودعا الناس إلى الإطالة في كل صلاة.
يتحدث الناس هذه الأيام عن الأسباب التي جعلت الجماعات التبشيرية تهجم بكل هذه الشراسة على مناطق المسلمين، بل ولا تجد حرجاً في ترحيل الملايين من المسلمين كما حدث في “أفريقيا الوسطى” وتغري المسلمين بالمال، واستطاعت أخيراً أن تحول الكثير منهم.
لم تجد هذه الجماعات أية صعوبة في مهمتها لأنها وجدت أرضاً ممهدة والكثير من المسلمين ضعيفو الإيمان يرحبون بأي شيء يريحهم من الإطالة في الصلاة.
ولا أعرف من الذي قال لبعض الأئمة إن الإقامة تعاد ثلاث أو أربع مرات، ثم بعد ذلك إقامة أخرى لبداية الصلاة، إن هذه بدعة في الدين لأن الرسول “صلى الله عليه وسلم” لم يفعل ذلك وإنما كانت إقامة واحدة تعني بداية الصلاة. الآن استمعوا إلى المؤذنين عند صلاة الصبح، يقيم الواحد منهم الصلاة ثم يعيد الإقامة ثم يعيدها مرة أخرى ويعيدها للمرة الرابعة ولا تعرف ما هي الإقامة الصحيحة من الإقامة الأخرى، بل هناك أئمة أضافوا خطبة بعد الصلاة لا يعرف من الذي أمرهم بها، هل هي وزارة الشؤون الدينية فلماذا لا يختارون إلا وقت (العشاء) و(الصبح)؟ ومن قال لهم إن أيقاظ الناس من نومهم وإزعاجهم فيه أجر، إن الصلاة رفعت عن النائم حتى يستيقظ.. ألم يقرؤوا هذا الحديث؟ وهذا معناه عدم إزعاج هذا النائم حتى لو كان من أجل الصلاة، لكننا الآن نجد هناك بعض الخطباء لا هم لهم سوى إزعاج الناس في وقت مبكر ولساعات، بل إن بعضهم يظل يتحدث حتى طلوع الشمس وهو سعيد بأنه أزعج الناس، وليته يتحدث لغة يفهمها كل الناس ولا تأخذ وقتاً طويلاً. أولاً أنا لا أعرف من الذي قال لبعض الأئمة إن الخطبة ضرورية بعد كل صلاة، لأنها لو كانت كذلك لفعلها الصحابة وهم أكثر إيماناً منا، وهناك من يصر أن يكون هناك دعاء جماعي يستمر لما يقرب ربع الساعة، الرسول “صلى الله عليه وسلم” لم يفعل ذلك وهذا متفق عليه.
لكي تعيدوا الشباب للدين، خففوا هذا أمر واضح جداً لا يحتاج إلى شرح، فإن لم يخفف فقد خالف قول الرسول “صلى الله عليه وسلم” وجاء ببدعة في الدين. يقول غير المسلمين إن الإسلام دين الفطرة، بمعنى أنه لا يتصادم مع فطرة البشر، بل إنه جعل الأرض كلها مسجداً، ولا يشترط الصلاة في مكان معين تسهيلاً للمسلمين وأمرهم بالتيمم إن لم يجدوا ماءً. كل هذا لأنه يريد اليسر على المسلمين.. ويقال إن الرسول “صلى الله عليه وسلم” ما عُرض عليه أمران إلا واختار أيسرهما. الآن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يسهل كل شيء إبتداءً من الصلاة إلى الزواج، وكل أموره سهلة وواضحة جداً، فلماذا تعقدونها ولماذا تنفرون الشباب من الدين؟!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية