(الكسرة بالموية) تعاود الظهور وتنافس المشويات في أحد مطاعم الـخرطوم
(يا بعيد تعال قريب.. ويا ماشي تعال غاشي.. قرب قريب وشوف العجيب.. قرب تعال وسيب السؤال.. مطعم الجودة.. للوجبات الشعبية.. عندنا كسرة بي موية.. أيييييوة كسرة بي موية.. كسرة بي موية وبي سلطاتها وحاجاتها).. هذا الصوت مألوف جداً في أماكن البيع والمواصلات العامة.. لكن ما جعلنا نصيخ السمع هو ما ينادي به فتوقفنا قليلاً، وجالت على الخاطر جملة واحدة لا ثانية لها (إن شاء الله تاكليها معاه كسرة بي موية.. في زول جايب خبركم؟!!).. وهذا دلالة على الحاجة ثم السترة!! فهي تباع في وسط الخرطوم منافسة لثورة الـ(هوت دوق) و(وجبات التيك أوي).. فمالذي يجعل الزبون وهو في طريقه إلى عمله أو عودته إلى المنزل يشمر عن ساعده ويتكئ ليأكلها ناسياً العمل وأهمية المشوار، فربما هذا هو ما قادنا نحن أيضاً لندلف إلى المطعم ذي اللافتة (المقلوبة) في أحدث تقليعات جلب الزبائن ونلتقي بـ”حسين دفع الله” الذي بادرنا ضاحكاً متوقعاً سؤالنا إياه فقال: نحن لدينا كل (الأصناف الشعبية) و(المشويات) بالإضافة إلى (الكبسة) لكن تجد الكسرة قبولاً عالياً من الزبائن، لا سيما وأن أغلبيية سكان الخرطوم من الولايات، فهذا يعود بهم إلى حيث الجذور، لذلك تكون لها نكهة خاصة وتطلب كوجبة خاصة كنوع من التغيير و(حالة نفسية) نتاجاً للحرمان من الوجبات الشعبية وليس كوجبة مشبعة.. وعلى سبيل المثال يأتيني زبون وبعد أن يأكل يعلق: (والله أنت ذكرتني حاجات قدييمة).. وآخر يقول لك: (رجعتني للبيت الكبير) وثالث ممنوع من الدهون وغيره راجلاً على قدميه من المستشفى يقول لك: (عندي مريض عاوز كسرة)، أو (أنا الليلة مشتهي لي كسرة مُرّة)، وفي بعض الأحيان نقوم بتلبية طلبات (سفري) لبعض الأسر، بالإضافة إلى درجة إقبال عالية جداً من طلاب الجامعات، خاصة الجنس اللطيف.. وعن مكوناتها تحدث “حسين” قائلاً: (الكسرة بالموية) تتكون من سلطة طماطم، دكوة، بهارات، بالإضافة إلى السلطة الخضراء وزيت السمسم)، وأضاف: (وهي لا بتوسخ إيديك لا بتغلط عليك).
وعندما سألناه عن سر (لافتة المحل المقلوبة) أجابنا: (هذا نوع من الدعاية والاستقطاب والتجارة شطارة، فكلما وقفت في شيء علمته).. وهناك التقت (المجهر) ببعض رواد المطعم من طلاب (جامعة النيلين) فقالوا إنها أكلة شهية وأفضل من الشاورما والبيرقر، ولها طعم خاص خاصة تناولها خارج المنزل (وغير كده فريش وسخنة).. ثم تحدث إلينا الأستاذ “قاسم حسن” (معلم في مدارس المهندسين الخاصة) قائلاً: (جيت ماري بالصدفة وسمعت عبارة “عندنا كسرة بموية” وتذكرت أني قد سمعت عن بيع الكسرة بالموية في السوق العربي هناك في أمبدة قبل أكثر من شهر، فسعدت جداً بتناولها أولاً لأن سعرها مناسب ومشبعة وعادت بي إلى أيام الطفولة والصبا في كادوقلي الجميلة.. كنا بنفطر بيها عشان نعمل بيها طاقة، وهي أفضل من الخبز بكثير وممكن آكلها (ثلاثة) أيام متتالية لكن بعد كده بشوف غيرها).. وعندما سألناه: هل ستحضر في المرة القادمة ومعك بقية (الأسرة)؟ رد ضاحكاً: (لا الزملاء فقط).