أخبار

بين ضابطين

} هل تذكرون الضابط الذي نفذ فيه حكم الإعدام رمياً بالرصاص في سنوات الإنقاذ الأولى لارتكابه جريمة مالية داخل وحدته العسكرية حيث تصرف في أموال خاصة بوحدته التي يقودها.. وصدرت العقوبة الرادعة بحقه ليصبح عظة وعبرة لغيره مع أن أثر الجريمة التي ارتكبها الضابط المعني كانت محدودة جداً والمبلغ وضيع جداً مقارنة بما حصل عليه موظفون بمكتب والي الخرطوم ومن بينهم ضابط في الشرطة.. هؤلاء بعد (تحللهم) من المال الذي (لقفوه) تمت إعادة الضابط لوحدته العسكرية..فهل مثل هذا الضابط جديراً بالبقاء في وظيفته بالقوات النظامية؟ وهل مثل هذا الضابط الذي مارس التزوير والغش وأثرى من المال الحرام جهراً وتحلل من الثروة الطائلة التي حصل عليها دون وجه حق يمكن الوثوق به في الشرطة و (يؤتمن) مرة أخرى على حقوق المواطنين؟.
وإذا كان قانون الثراء الحرام والمشبوه يبيح التحلل من المال الحرام الذي حصل عليه شخص ما.. وبعد استعادة المال العام يتم إخلاء سبيل الشخص مرتكب الإثم فإن قوانين المؤسسات العسكرية والأمنية أكثر صرامة في شأن السلوك المنحرف وطرد الضابط الذي ارتكب جريمة التزوير والغش وخيانة الأمانة من الخدمة العسكرية دونت حقوق هي أقل عقوبة تنتظر هذا الضابط لا عودته للخدمة وغداً ترفيعه لرتبة أعلى ولنا في تجربة ضابط الفرقة الخامسة مشاه (الأبيض) عبرة لأولي الألباب.
اتخذت قضية فساد موظفين صغار بمكتب والي الخرطوم د. “عبد الرحمن الخضر” ذريعة لتصفية حسابات قديمة ومؤجلة للبعض لجز عنق الوالي د. “الخضر”.. وتجريمه والتشكيك في ذمته لأسباب سياسية لبعض الجهات المعارضة ولدواعي ذاتية لبعض القيادات في المؤتمر الوطني ولصحافيين. اتسمت قراءتهم للحدث بالتربص.. فالوالي أول من مثل أمام لجنة التحقيق ورفع عن موظفي مكتبه دعمه لهم بعد اكتشاف جريمتهم ولكن الطريقة التي تمت بها معالجة القضية هي ما أثارت الشكوك والريبة وفتحت باب التساؤلات واسعاً.. هل استرداد المال العام المنهوب وإعمال قانون الثراء الحرام والمشبوه مسألة ضرورية في مثل هذه الحالات؟
ويتضح من حيثيات القضية أن إعمال قانون الثراء قصد منه استعادة المال الذي نهب دون وجه حق كأولوية ولكن هذا القانون فتح ثغرات لتهب منها رياح على والي الخرطوم ووضعه في عين العاصفة ودائرة الشكوك حيث اعتبرت المعارضة إخلاء سبيل الموظفين دليلاً على فقه السترة والتستر مع أن الحكومة هي التي كشفت خيوط الجريمة من خلال جهاز الأمن الاقتصادي ولو كانت الحكومة غير (راغبة) في كشف سوءات الفساد لغطت على الحدث.. وكل القضايا التي أثيرت الآن بشأن الفساد الإداري والمالي تم كشفها بواسطة الحكومة وأجهزتها وفي ذلك فضيلة وحسنة ينبغي تسجيلها من قبل المعارضة لصالح النظام.
} إذا كانت قضايا الفساد يتم مواجهتها بقانون الثراء الحرام والمشبوه وحده فإن الخزانة العامة موعودة بعودة مليارات الجنيهات.. ولكنت الشعب يريد تطبيق القانون الجنائي لردع الفاسدين.. ولكن لا سبيل لتطبيق قانونين في آن واحد أي أن يتحلل الجاني من المال الذي حصل عليه دون وجه حق بقانون الثراء الحرام والمشبوه ويتم معاقبته بالقانون الجنائي للردع والعظة والاعتبار.. ألا رحم الله العقيد “عبد الرحيم محمد صالح” وغفر لمن أخرجوا على النجيلة من الملعب السياسي بذريعة الفساد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية