شهادتي لله

الفساد كشفته الدولة.. وليس غيرها

} لا ينبغي أن تستشعر قيادة الدولة حرجاً أو قلقاً تجاه التداول المكثف بأجهزة الإعلام أو مجالس المدينة حول قضايا (الفساد) يوماً بعد آخر، لسبب بسيط، أن الجهات التي كشفت هذا الفساد مؤسسات عدلية وأمنية ورقابية تابعة للدولة، وليس لمنظمات (شفافية دولية)، ولا هيئات وطنية لمراقبة الفساد (مهنية)، أو سياسية تابعة لأحزاب (المعارضة).
} تحالف (المعارضة) أو غيره من التشكيلات الحزبية الأخرى، لم يكشف حالة (فساد) واحدة بأدلة ووثائق ومستندات، أما ما تنشره مواقع (إلكترونية) هتافية، ضعيفة الخبرة في مهارات وشروط التناول الإعلامي، فإنه لا يرقى لمستوى المصداقية والرصانة المهنية، ولا يتعدى كونه (لفح كلام)، و(قوالات إسفيرية) غير معتمدة لأي جهة محترمة داخلية أو خارجية.
} حالات الفساد موضوع الضجة الإعلامية – سواء في قضية (الأقطان)، أو نهب الأراضي في مكتب والي الخرطوم أو الاختلاسات والتجاوزات في العديد من المؤسسات الحكومية والولايات – كشفها ديوان (المراجع العام)، أو لجان تحقيق تابعة لوزارة العدل، أو دوائر تابعة للأمن الاقتصادي، وكل هذه الجهات تابعة للحكومة، وليس (المعارضة) أليس كذلك؟!
} لو كان هناك تستر على (الفساد) لمُنع (المراجع العام) من الإدلاء بإفاداته عبر التقرير السنوي المذاع والمتلفز، ولما طلبه (البرلمان)، وجعل الجلسة مفتوحة للإعلام، بينما تُغلق جلسات يخاطبها وزير الدفاع مثلاً، لدواعٍ أمنية ولحساسية المعلومات.
} صحيح أن هناك (مجموعات) وجماعات وتكتلات (مصلحية)، تنشط هنا وهناك لتبرير الأخطاء، وتخفيف الضغوط في متابعة (المفسدين)، ومحاولة غض الطرف عنهم، والتقليل من شأن جرائمهم في التعدي على المال العام والأراضي والممتلكات، لكن الاتجاه العام للدولة هو محاربة الفساد وبتر المفسدين، وهذا هو النهج القائم والمستمر.
} والدور الذي تلعبه الصحافة يوازي أدوار (جماعات التغطية)، والتواطؤ مع مرتكبي التجاوزات والتستر على المتجاوزين ومن فوقهم، ما يعجل بحسم الملفات، وتقصير المطاولات، واتخاذ الإجراءات المناسبة مع كل حالة.
} (لوبي) الفساد أخطبوطي في كل مكان، أياديه طويلة، وأرجله متمددة، وخيوط علاقاته متشابكة تصل كل شخص ومركز وسلطة، يحدث هذا في السودان، وفي مصر، وكل دول العالم، ولهذا فإن الإعلام واحد من أهم (آليات) مكافحة الفساد وتتبعه، وتعريته للرأي العام، فالقضاء والمؤسسات العدلية لا تكفي وحدها لمحاصرة ومحاربة كتل الفساد (الخرصانية) العاتية.
} يجب أن تفخر قيادة الدولة بأنها تطرح على الرأي العام، كل القضايا بشفافية كاملة، لا تخشى في الحق لومة لائم، لا تجامل أحداً لولائه السياسي، أو تاريخه الجهادي، أو إخلاصه للدولة، فالقانون يسري على الجميع في حقبة مفتوحة للممارسة العدلية والديمقراطية دون حجب أو حجاب.
} وقبل أيام، أعجبني ما ذكرته لي وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي الأستاذة “مشاعر الدولب” تعليقاً على ما نشرناه من تقرير المراجع العام حول عدم تلقي نحو (12) ألف أسرة في مشروع دعم الفقراء لمستحقاتهم، حيث أكدت الوزيرة أن لجان المتابعة في الوزارة هي التي كشفت هذا التجاوز في إطار برنامج متكامل لمراجعة القوائم بصورة مستمرة، ولم يكشف ذلك ديوان المراجع العام الذي وجد الأمر واضحاً أمامه وتم تصحيحه بالفعل.
} الدولة القوية هي التي لا تخشى المحاسبة، ولا ترتعب لأي مواجهة.
} جمعة مباركة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية