أخبار

الخارجية و(خادم الفكي)!!

} جردت وزارة الخارجية حملة قلمية بكامل عدتها وعتادها للرد على كاتب هذه الزاوية لتناوله قضية العلاقات الخارجية وأسفار الوزير “علي كرتي” من مشارق الأرض لمغاربها.. وجدوى تلك الأسفار في تحسين علاقات بلادنا بالآخرين.
جاءت ردة فعل وزارة الخارجية تحمل ذات خصائص وجينات الردود الحكومية التي تميل لتجميل الواقع الذي يبصره الناس لا بعين السخط كما يزعم كُتاب الحكومات على مر التاريخ والحقب، ولكن بعين من لا تغشى بصره غشاوة بصيرة!!
ذات المفردات والتعبيرات التراثية في دفاع حراس البوابات عن من هم بداخلها في أعلى مراتب الوظيفة، جاءت على لسان الأخ “أبو بكر الصديق” السفير والمثقف والصحافي الذي كانت له مواقف وآراء قبل أن تغشاه الوظيفة وتجعله كما يقول المثل (خادم الفكي)، وفي الأثر الشعبي السوداني إن من يخدم (الفكي) سيصبح مجبراً على أداء الصلوات، وتلك خدمة موجبة إن هي فقط حملت صاحبها لأداء الصلوات في مواعيدها، ولكن ثمة صلاة يؤديها البعض خوفاً من المسؤولين لا خوفاً من رب العباد، وفي سنوات الإنقاذ الأولى كان أداء الصلاة في جماعة لموظفي الدولة واجباً والتقاعس عن ذلك ربما يذهب بالموظف للمعاش الإجباري قبل أن تبلغ الإنقاذ من الكبر عتيا، ويطالب “كمال رزق” من منبر (مسجد الخرطوم الكبير) بمحاكمة مسؤول كتبت إحدى الصحف عن ضبطه مخموراً في أحضان فتاة أجنبية بلا وثاق شرعي!!
} “أبو بكر الصديق” قال إننا ننطلق من سوء نية وقصر نظر لنجاحات السياسة الخارجية لدولة السودان (الحديثة)، ولم يضرب لنا السفير الأمثال حتى (نتعظ) ونتعلم كيفية مخاطبة رجل مثل “علي كرتي” كثير الأسفار والترحال، قليل الكسب على صعيد الدولة التي يطير باسمها إلى أصقاع الدنيا لا كسبه الشخصي. ولكن في حال “أبو بكر الصديق” دوماً تتردد كلمات من تراث حكومات ما قبل ثورات الربيع العربي ومن أدب دكتاتوريات القرون التي غربت شموسها.. (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) الشعار الذي من تحته أهدرت قيم وانتهكت حقوق.. وسلبت إرادة شعوب وقمعت أصوات.. أو من شاكلة القول الكاتب (لا ينظر إلى الجزء الفارغ من الكوب)!!
إذا كان السفير “أبو بكر الصديق” (يعتقد) بأن علاقات السودان بالدول الخليجية على أفضل ما يكون!! فلماذا أدبرت الاستثمارات العربية عن البلاد وتعثرت التمويلات المالية من السودان إلى بعض من تلك البلدان!! وهل حقاً إن دول الخليج التي تقيم علاقات مع “إيران” تنظر بعين الرضا لعلاقات “السودان” بـ”إيران”.. لم نطالب الخارجية بالركوع تحت أحذية ممالك ومشيخات الخليج، ولكننا نطالبها بالحفاظ على علاقات تاريخية مع هذه البلاد وجعل مصالحنا فوق الاعتبارات الأخرى، فالخليج أقرب إلينا ثقافياً واجتماعياً ومذهبياً من “إيران”!!
وهل انعقاد اجتماعات تضم شركات سودانية وألمانية ينهض دليلاً على حسن العلاقة؟؟ السفير “أبو بكر” يقول إن “روسيا” قد أعلنت فرض عقوبات على الحركات المسلحة الرافضة للسلام.. كيف ذلك؟؟ هل الحركات المسلحة كيانات اعتبارية يمكن فرض عقوبات عليها؟؟ وهل لهذه العقوبات الروسية أي أثر على تلك الحركات المتمردة.. من البؤس الشديد أن نفرح ونهلل لانجازات لا وجود لها إلا في مخيلة بعض صناع القرار والخارجية لا تصنع سياساتنا الخارجية وحدها ولكن تعبر عنها.. ولو قال السفير “أبو بكر الصديق” إن الوزارة ناجحة في التعبير فقط لقلنا شكراً لكم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية