الديوان

أول (روضة) في «بري» .. تخرج الدفعة (45)

هالها أن ترى الأطفال في سن الرابعة والخامسة وهم يجوبون الشوارع والأحياء ويقضون سحابة نهارهم فيها، وآخرون لا ينفكون من قبضة أمهاتهم يلتصقون بهم في المناسبات العامة.. كل هذا حرّض مخيلة الأستاذة “إقبال” التي تعد واحدة من رائدات التعليم قبل المدرسي على إنشاء أول روضة بمنطقة بري ونواحيها في العام 1969م، وقد احتفلت الشهر الفائت بتخريج الدفعة (45).
و(ماما إقبال) كما تحلو مناداتها من قبل خريجي روضتها وأهل المنطقة حتى الآن، استطاعت تخريج أجيال أصبح لهم شأو عظيم وتقلدوا وظائف مرموقة، ويشهدون الآن تخريج أطفالهم في ذات الروضة، ورغم انتشار الرياض في الآونة الأخيرة عقب فرض التعليم قبل المدرسي، إلا أن روضة (دار الطفولة السعيدة) ما زالت وبحكم مكانتها المكتسبة من تجاربها قبلة الكثيرين.
{ صافرة البداية
وعن صافرة البداية التي أعلنت لانطلاق جولة الرياض قالت (ماما إقبال) إن الخطوة كانت مفاجئة لأهل المنطقة بعد أن اختمرت الفكرة برأسي لمدة خمسة سنوات، وقبل الشروع في إنفاذها قمت بزيارة إلى روضة الخرطوم غرب (دار الحنان)، وكانت وقتها تقف يتيمة ومنها تزودت بكل ما يجب فعله، ومنذ انطلاق الفكرة قمنا بتسجيل (40) طفلاً فصلناهم وفقاً لأعمارهم بعد التصديق من (المجلس البلدي). أما الأطفال فكانوا يتوافدون من الأحياء المجاورة (امتداد ناصر وبري الدرايسة والمنشية) وغيرها، وكان العدد كافياً، لكن الآن وبحسبها ففي كل حي يوجد ما لا يقل عن خمس رياض
{ المنهج (من راسنا)
وعن المنهج وما إذا كان يتبع أو مشتقاً من جهة ما، قالت “إنعام”: (المنهج كان من راسنا)، بدأنا بالحروف العربية والأعداد والسور الصغيرة إلى جانب الرياضة و(الحكايات)، وتقوم بالتدريس ثلاث مدرسات واستمررنا بذات المنهج إلى أن وضع منهج التعليم قبل المدرسي في التسعينيات، مضيفة إن الرسوم وقتها كانت عبارة عن جنيه مصاريف الروضة وجنيه للترحيل و(50) قرشاً رسوم تسجيل، أما مرتبات المعلمين فكانت لا تتجاوز الـ(15) جنيهاً.. (والأمور كانت ماشة)- على حد تعبيرها.
أما الزي الذي يرتديه الأطفال فكان موحداً وهو عبارة عن (مريلة كحلية بياقة حمراء) وما زال إلى الآن، فقط أصبح نوع القماش سميكاً، واستبدلنا الجيبة بـ(الرداء) حتى للبنات لأنهن يختلطن بالأولاد حتى في الرياضة.. وعن الأشياء التي صاحبها التغيير وفقاً لمعطيات الزمن، أصبح المعلمون أكفاء من الخريجين ويخضعون لكورسات في فترة العطلات.
{ أطفال الأمس.. رواد اليوم
وبتقادم السنين كبر أطفال الأمس الذين نهلوا من بحر علوم (ماما إقبال) ورتعوا وهم يمرحون في دارها السعيدة، وبلغ بعضهم شأواً عظيماً متقلداً وظائف محترمة، فبينهم أطباء وصيدلانيون ومهندسون، وواحد منهم يشغل منصب مدير مكتب وزير الشباب والرياضة، وما زال هؤلاء وإلى الآن ينادون أستاذة “إنعام” بـ(ماما) كلما التقوها في مكان ما، وعن ذلك حكت الأستاذة رواية معضدة أنها وفي فترة الثمانينيات تحديداً وهي في ريعان شبابها وأثناء خروجها من مناسبة كانت ترتدي فيها ثوب حرير وإذا بأحد الشباب (طبيب) يناديها ملقياً عليها السلام طالباً توصيلها بعربته حيثما تريد، وإذا بأحدهم يعلق وهو مندهش: (شنو أنت الشابة الصغيرة دي تقول ليها ماما؟).
{ الدفعة (45)
وفي نهاية العام الحالي احتفلت (ماما إنعام) بتخريج الدفعة (45) وسط حفاوة أسرهم وأمهاتهم الذين تخرجوا فيها.. وكانت (دار الطفولة السعيدة) واحدة من الرياض الأولى التي يجب أن يسجلها التاريخ، كيف لا وهي ما تزال معطاءة وصامدة مذ فترة الستينيات ومحل مفخرة أهل بري على امتداد أحيائها!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية