المرحلة الحرجة..!!
ظلت (المرحلة الحرجة) كمصطلح سياسي تمارس قبضتها وسطوتها على الشعوب.. فباسم (المرحلة الحرجة) تبرر الحكومات– على اختلافها– تدهور الحياة المعيشية وغلاء الأسعار ومصادرة الحريات.. وبسبب (المرحلة الحرجة) كما تقول– نفس الحكومات– ظلت دول الطوق المجاورة لإسرائيل، بل والبعيدة عنها جغرافياً، تروج إعلامياً للاستهداف الذي تتعرض له هذه الدول والاحتلال الذي يترصد حدودها ويتأهب للنيل من مقدراتها ومنجزاتها.. وهو ما يتطلب استمرار (حالة الطوارئ) ويستلزم المزيد من ربط الأحزمة والإرجاء والإبطاء لممارسة أية حريات أو انتقال سلمي للسلطة.. فالمرحلة حرجة جداً.. وصعبة جداً.. وقاسية جداً.. ومن لا يستجيب لشروط المرحلة الحرجة هو خائن وعميل وغير وطني.. ويستحق الشنق في الميدان العام وأمام مرأى من الشعب!!
باسم (المرحلة الحرجة) التي أصبحت شماعة جاهزة للحكومات الشمولية تعلق عليها كل أخطائها وفشلها وتخلفها، يتم السطو المسلح على حريات الناس والقبض على أنفاسهم، وممارسة المزيد من الضغوط على أحلامهم المرجأة حتى إشعار آخر، تنزاح فيه معضلة (المرحلة الحرجة) التي تقف كشوكة الحوت في حلقوم الشعوب، وتحول بشكل تلقائي إلى سبب وجيه ومقنع لغلق الأبواب ونصب الأسوار الحديدية العالية على بعض الدول التي ترفض الانفتاح، وتفرض على شعوبها عدم التعامل حتى مع تقنيات العصر الحديثة مثل الحواسيب وأجهزة الهاتف النقال، خوفاً من استخدامها كوسائط للتجسس يمكن أن يستغلها العدو وينفذ عبرها مخططاته الصهيونية والإمبريالية!
(المرحلة الحرجة) بدورها هي مخطط تتبناه بعض دول المنطقة وتتوارثه حكوماتها، بحيث تصبح كل المراحل حرجة وحساسة ودقيقة وقابلة للانفجار والاشتعال.. وهو مخطط يستخف بلعبة الزمن ويجعلها تقف عند نقطة واحدة لا يتقدم بعدها أية خطوة للأمام، وفي المقابل تتجمد طموحات وتطلعات وأحلام الشعوب المكتوب عليها دائماً أن تدفع ثمن كل شيء.. ثمن الخطأ التاريخي.. والحرج المرحلي.. والخطر الآني.. والمصائب المستقبلية التي ستأتي من أبواب (المرحلة الحرجة) التي تضخها كل الخطب والبيانات والأوامر السياسية، وتنفث عبرها فحيح الثعابين المخيف والمرعب، كي تتألم الشعوب في يقظتها، وترى الكوابيس المزعجة في مناماتها، وتتحول حياتها إلى زنازين صغيرة ومظلمة ومهينة، وأمامها سجان يوصد الأبواب بالقفل الحديدي، ويعلن بتشدق جاهل أنها (مقتضيات المرحلة الحرجة)!!