أخبار

"الضعين" الضائعة!!

بث تلفزيون السودان في غير عادته وتقاليده يوم (الثلاثاء) 15/4/2014م، الساعة السابعة والربع صباحاً، تقريراً إخبارياً عن معاناة مواطني مدينة “الضعين” في الوصول إلى “الخرطوم” وانتظارهم للقطار أيام وليالٍ، وهم يقيمون حول مبنى ناظر محطة السكة حديد يفترشون الثرى ويلتحفون الأرض. الأطفال يتقافزون في مرح وهم لا يشعرون بمأساتهم في وطنهم ولا يدرون حجم الظلم الذي حاق بهم.. تلفزيون السودان الذي يصف نفسه بالقومي وما هو بذلك في نظر الكثيرين لا يبث التقارير الإقصائية ولا يأبه كثيراً لقضايا الناس، لكنه ملتزم في عرض أخباره بالتسلسل المراسمي لمسؤولي الدولة تبدأ الأخبار بالرئيس ثم النائب الأول والنائب والمساعدين، وتنتهي النشرة بأخبار وزراء الدولة. ولكن في صباح (الثلاثاء) الماضي جاء بشيء جديد. وقف المحرر والمصور على قضية مواطنين يدفعون ألف جنيه ثمناً لتذكرة السفر من “الضعين” حتى “الخرطوم” وقطار الشوق يأتي أسبوعاً ويغيب شهراً تتربص به عصابات النهب ومليشيات القبائل والحركات المسلحة.. ولكن إنسان دارفور أصبح (متعايشاً) مع المآسي والأحزان والظلم والدموع، وقد تحدث أحد المواطنين قال إنه ينتظر منذ أسبوع وصول القطار، وقد اتخذ من محطة السكة حديد مأوى له وأسرته.
وحكومتنا الرشيدة وضعت تشييد مطار “الضعين” أولوية.. لأن من يخطط وينفذ ينظر لحل قضية (طبقته) هم السياسيون ميسورو الحال القادرون على دفع ملايين الجنيهات ثمن التذكرة. وقد فشل خط (الضعين الخرطوم) لأن المواطنين لا يستطيعون دفع ثمن تذكرة الطائرة وحتى تذكرة القطار تعتبر باهظة جداً لإنسان لم يبقَ له إلا كرامته بعد أن سلبته الحرب والنزاعات كل فضائل نفسه.
حكومتنا المحترمة تخطط لإضافة عدد من القاطرات الحديثة التي تبلغ سرعتها أكثر من (200) كلم في الساعة لتعمل في خط الخرطوم عطبرة، وتم استيراد القاطرات الحديثة التي تشبه طائرات (البوينج) في طريق الخرطوم عطبرة.. بينما خط سكة حديد الخرطوم نيالا يفتقر للقطار القديم الذي يزحف بطيئاً ولا تزيد سرعته عن (50) كلم في الساعة. فهل عطبرة في حاجة حقيقية للقطار أم الضعين ونيالا؟؟ أيهما أحق بالقاطرات الحديثة أو القديمة، عطبرة التي تستطيع الوصول إليها عبر طريق التحدي وعن طريق شريان الشمال، ولكن من يستطيع الجهر بالنصيحة بعد أن أصبحت الاتهامات بالجهوية والعنصرية أداة لتخويف الناس عن قول الحقيقة.
إذا تحدث نائب برلماني عن ترتيب الأولويات ما بين مطار مروي الذي لا تهبط فيه إلا طائرات المسؤولين وطريق الإنقاذ الغربي، انهالت الاتهامات على النائب البرلماني بالجهوية والعنصرية..
في “الضعين” معاناة حقيقية في الوصول لوسط السودان بسبب سوء التدبير والتخطيط، وكان يمكن وصول تلك المناطق بطريق الفولة الدبيبات ليتحقق ربط كل جنوب دارفور وشرقها بالعاصمة الخرطوم، بدلاً من انتظار طريق الإنقاذ الغربي الذي جدواه السياسية طاغية على جدواه الاقتصادية!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية