أخبار

الزول "البرَّاي"..!

كلامو كتير.. نقناق.. أصلوا ما بسكت.. طوالي شغال أوررررر.. برَّاي.. والأخيرة هذه من مخترعات العقلية السودانية التي تستحق عليها صفقة داوية.. لأن البرَّاي بتشديد الراء وفتحها يحيلنا إلى فعل “البري” و تحديداً “قلم الرصاص” و”البراية”.. هذا الفعل المدرسي إلى حد كبير.. حيث اعتدنا استخدام قلم الرصاص في المدارس الابتدائية زمان أو الأساس الآن.. و أذكر في ما أذكر أنني لم أكن أجيد “براية” القلم بالموس أبداً.. حاولت ذلك مراراً كلما وجدت أن “برايتي” قد فُقدت.. لقد فُقدت مني كثيراً ولا أعرف لماذا.. غير أني كنت ألجأ في ذلك لصديقي في الصف.. أذكر الآن اسمه الأول فقط.. ولا أدري أين انتهت به السنوات.. كان يجيد “البري” بالموس.. ثمة خفة وسرعة في يديه كنت ألحظها.. لكنه كان قليل الكلام.. رغم أنه بارع في “البراية”!
ووصف “البراي” دقيق إلى حد كبير حين نطلقه على الثرثارين كثيري النميمة و القطيعة.. وكأنهم “يبرون” الآخرين ويجردونهم من احترامهم ووقارهم.. وربما إلى حد النحافة.. وهذا التعبير الدقيق سبق السودانيين إليه الشاعر العبقري “علقمة الفحل” الذي يعد من أشهر شعراء الوصف للفرس والإبل حيث يقول علقمة:
وعيس “بريناها” كأن عيونها
قوارير في أضهانهن نضوب..!
هل لاحظتم كيف أن “البري” يمكن أن يفعل بالعيس أي الابل.. أنه يجعل عيونها كالقوارير الناضبة.. وفي هذا اعتراف من الشاعر بأنه كان “براياً” كبيراً لكن برايته لم تكن في البشر وإنما العيس أو الإبل التي من كثرة ترحالها وتنقلها انتهت إلى تلك الحالة التي نقلها بدقة وبراعة علقمة الفحل..!
“براي” وبعيداً عن ما إذا كانت مفردة فصيحة أو عامية ورغم تشابه المعنى هنا و المعنى الذي ضربناه من الشاعر فهي تظل على انتشارها ضمن ثقافة “الونسة” وخاصة الشبابية تعكس نماذج من البشر لا يرحمون صمتنا ولا هدوءنا.. ولا يميزون بين لحظات الجد والهزل.. أو تلك التي نريدها للتأمل و الصمت.. هم يخترقون الحواجز ولا يطرقون الأبواب ثم يشرعون في براية أقلام الرصاص سواء كانت تخصهم أو لا تخصهم.. يرمونها.. ويبحثون عن غيرها.. وكأن شيئاً لم يكن..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية