تقارير

الجبهة الثورية والحوار الوطني ..سيناريو الانقسام القادم

مقولة أطلقها الفنان المصري «هاني رمزي» في فلم (ظاظا) وهو يخوض الانتخابات الرئاسية: (هذا الشعب يحتاج إلى قلب يحكمه وليس إلى عقل يتحكم فيه)، وعلى إثر مقولته فاز بالرئاسة.
تتبدل كثير من المواقف السياسية بجملة للقيادات والرموز في الندوات العامة أو التصريحات الصحفية، ومعها تأتي سياسات جديدة تغير من الأحوال، لكن هل تبدل الجبهة الثورية ومكوناتها المنضوية تحتها مواقفها، وتدخل في الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية «عمر البشير»؟ أم هل تنقسم الجبهة الثورية إلى فصائل عديدة وحركات، تبحث عن حلول بمفردها لمطالبها وقضاياها التي تقاتل من أجلها؟
في التاريخ السياسي تجربة التجمع الوطني الديمقراطي التي انتهت بتوقيع الحركة الشعبية، بزعامة الراحل «جون قرنق» اتفاقية سلام مع الحكومة، مما أدى إلى تحرير شهادة وفاة للتجمع.
يقول كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة «أحمد تقد لسان» في تسجيل مصور شاهدته (المجهر):( أي حديث عن الحوار في ظل عدم توفر بيئة متكاملة ومناخ مهيأ لإدارة حوار هادئ وبناء، أعتقد أنه تسويف للموضوع ومضيعة للوقت ومحاولة لكسب الوقت من قبل المؤتمر الوطني. ونحن في الجبهة الثورية وفي حركة العدل والمساواة موقفنا من الحوار واضح ومعلن، أنه لابد من توفر شروط معلنة ومعروفة، لابد من تهيئة المناخ للحريات وإطلاق سراح الأسرى والمحكومين والسجناء السياسيين. ويصعب جداً مشاركة الجبهة الثورية في حوار داخل السودان لعدم توفر المناخ الملائم). ويضيف «تقد» بالقول:( قصد من تجميع لأطراف واستصحاب لمكونات كانت جزءاً من المؤتمر الوطني في الآونة الأخيرة والخروج بموقف، ومحاولة تسويق هذا الموقف للمجتمع الدولي وللشعب السوداني من أجل كسب فترة جديدة للنظام، وإخراج المؤتمر الوطني بصورة جديدة والدخول في انتخابات معلومة النتائج ومحسومة الإجراءات فيها من قبل المؤتمر الوطني، ولا أظن أن هنالك عاقلاً الآن ينطلي عليه هذا الموقف). ويشير «تقد» إلى أن قضايا الحوار كبيرة ومتعلقة بمستقبل البلد، والسلطة ونظام الحكم والجرائم الكبيرة التي ارتكبت في السودان وقضايا مستقبل ومصير البلد. ويقول: (أعتقد أن هذه القضايا لا يمكن الحديث عنها في داخل السودان، ولا يمكن أن يكون هنالك عفو في الجرائم، ولكن لبناء الدولة ولبناء مستقبل فيه كل الناس لابد من إجراء بعض المصالحات، ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف لابد من عفو بعض الناس ولابد من أن يكون هنالك اعتراف حقيقي من الأطراف التي ارتكبت الجرائم للضحايا، وتعويضهم تعويضاً كاملاً في الأنفس والممتلكات والخسائر المترتبة من الصراع، وهذا إجراء طويل وهذه القضايا تحتاج إلى مناقشتها في مؤتمر يقود لحوار حقيقي ولايمكن هذا في ظل إدارة الحكومة للحوار). وينبه إلى أنه لا أحد يعير الضمانات أي اهتمام في ظل إدارة المؤتمر الوطني للدولة ومؤسساتها. وقال «تقد» إن الموقف مشترك بين الجبهة الثورية وقوى الإجماع الوطني، وتم التعبير عنه في بيان مشترك والشروط نفس الشروط، نحن ننسق المواقف ونوزع الأدوار، ونمارس الضغط على النظام بكل مكونات الشعب في الداخل والخارج.
ويقول البيان الذي وقع عليه «فاروق أبو عيسى» و«مالك عقار»: (اتفق الطرفان على أن الحل السلمي الشامل المفضي للتغيير يجد الترحيب والقبول من قبل الطرفين.
وأن العملية الدستورية والحل السلمي الشامل يتطلبان إجراءات جدية لبناء الثقة وتهيئة المناخ السياسي وفي مقدمتها وقف الحرب ومخاطبة الأزمة الإنسانية وإلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات، والانتقال من الحرب إلى السلام ومن الشمولية إلى الديمقراطية، والاتفاق على آلية مستقلة لإدارة الحوار بين الأطراف كافة وتحديد الإجراءات التي يتطلبها حوار جاد ومسؤول ومنتج).
وشدد البيان المشترك على: (ضرورة الاتفاق على خارطة طريق واضحة تنتهي بترتيبات انتقالية، بما في ذلك قيام حكومة انتقالية تنفذ ما سيتم التوصل إليه، وأن تعمل الحكومة الانتقالية على عقد مؤتمر دستوري بمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية بدون استثناء، لمناقشة كل قضايا الوطن والتوصل لخطوط عريضة لحل شامل، والتوصل لمؤشرات للدستور الدائم ووضع قانون انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية).
وأدى صدور البيان إلى انقسام داخلي في قوى الإجماع الوطني، بسبب رفض حزب البعث العربي الاشتراكي عبر ممثله «محمد ضياء الدين» لعدم مشاورته فيه.
ويواصل «تقد»: (المؤتمر الشعبي ظل يتاجر ولفترة طويلة بالعدل والمساواة والارتباط بها، وهذا التسويق أثر في سمعة الحركة وفي المواقف الداخلية والخارجية، ونحن ظللنا نعلن موقفنا القاطع بأن الحركة لا علاقة لها بالمؤتمر الشعبي ومنطلقات الحركة تختلف عن منطلقات المؤتمر الشعبي، وليس هنالك لقاء رسمي في «نيروبي»، والمؤتمر الشعبي واحد من الأحزاب السياسية في الداخل، ونحن نتعامل مع الأحزاب سياسياً في القضايا والمؤتمر الشعبي واحدة من المنظومات.
الشعبي يبدي أملاً في
انضمام الجبهة الثورية
ويقول الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي «كمال عمر» لـ(المجهر):( نحن دفعنا ثمناً كبيراً لظنون وشكوك حول علاقتنا بحركة العدل والمساواة، وأن هنالك ارتباطاً بيننا، دفعنا ثمناً غالياً جداً لهذه الظنون، وطيلة الفترة الماضية من أجل قضية دارفور دفعنا مهراً لها، لأننا تنظيم سياسي يقوم على قيم الدين، وواقع السودان اليوم يستحق مثل هذه المواقف والاستجابة لدعوات الحوار لنحفظ للبلاد وحدتها وأمنها واستقرارها. وعبرنا بالحوار من أجل التضحية للشعب السوداني، نحن لا ينقصنا شيء في المؤتمر الشعبي عشان نتاجر بزول ومواقفنا مشرفة وعدم ارتباطنا بالتبعية أكسبنا الاحترام).
ويضيف «كمال» بالقول: (عندنا اتصالات بكل القوى السياسية، أجريت اتصالاً بأحد القيادات الكبار في الجبهة الثورية أملاً منا في المؤتمر الشعبي أن يشتركوا معنا في الحوار، ولن تنقطع اتصالاتنا بهم مهما كانت مواقفهم ونحن لا نميز ما بين «مني أركو مناوي» أو الحركة الشعبية قطاع الشمال، هم زملاؤنا في العمل السياسي وأحبابنا، ونقول لهم ما في حل لأزمات السودان سوى بالحوار، وأي زول يراهن على العمل العسكري او الانقلابات سيلفظه الشعب السوداني، وهنالك تمايز في الصفوف من خلال المواقف الأخيرة.).
وكشف «كمال عمر» عن ما دار مع القيادي بالجبهة الثورية – من دون أن يذكر اسمه – وقال:( التمست منه مواقف طيبة بخصوص الحوار ولكنه يتحسر على ما يحدث في دارفور. وبلغة مؤلمة حدثني عن خروج الشعب السوداني للتنديد بالذين يقتلون في دول الجوار ولا يخرجون من أجل وقف القتل في دارفور). وأضاف «كمال عمر»: ( واجب الحكومة أن توقف الحرب في دارفور إذا كانت تريد أن ينجح الحوار، وتعلن وقفاً لإطلاق النار وتفتح الممرات الإنسانية وتوفر ضمانات كافية، نريد منها تأكيد إرادتها للحوار بالأخص مع الجبهة الثورية). ويؤكد «كمال عمر» أن ما سمعه من القيادي في الجبهة الثورية حول استعدادهم الكامل لحل الأزمة، ولكن هنالك آلام على أرض الواقع. ويقول: ( ومن هذا المنطلق نحتفظ بعلاقة متميزة مع الكل، بما في ذلك الجبهة الثورية بكل مكوناتها ووجود الجبهة الثورية ضمن منظومة الحوار الوطني مسألة مهمة جداً).
قطاع الشمال يعيد تجربة الراحل
«جون قرنق» مع التجمع الوطني
ربما يعيد التاريخ نفسه وهاهي الحركة الشعبية قطاع الشمال تستنسخ ذات تجربة زعيمها الراحل وملهم أفكارها «جون قرنق»، بعد أن خلع عباءة التجمع الوطني الديمقراطي، ووقع على اتفاقية السلام الشامل مع الحكومة. يقول تصريح صحفي من المتحدث الرسمي لوفد الحركة الشعبية المفاوض «مبارك أردول»:( تلقينا دعوة من الآلية الرفيعة لاستئناف المفاوضات مع المؤتمر الوطني، لحضور جولة المفاوضات القادمة والتي سوف تستأنف يوم (22) أبريل 2014م. وستظل أولويات الحركة الشعبية هي الأوضاع الإنسانية ومعاناة المدنيين والحل الشامل والسلام والديمقراطية لجميع السودانيين).
وينقل موقع (سودان تربيون) عن رئيس حركة تحرير السودان «مني مناوي» قوله: إن حركته أكدت تمسكها بالحل الشامل كمخرج للأزمة السودانية ورفضها للحلول الجزئية. ودعت الحكومة الفرنسية لدعم هذا التوجه الرامي لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وجاء ذلك في لقاء لرئيس الحركة «مني مناوي» مع مسؤول الشؤون الأفريقية، في وزارة الخارجية الفرنسية «جان كريستوف بليار».
وقال بيان صادر من الحركة إن «مناوي» شرح للمسؤول الفرنسي (إنهم لا يدعمون نهج الحلول الجزئية الذي ينتهجه النظام وتدعمه بعض القوى والمنظمات الدولية والإقليمية رغم الفشل البين لهذه السياسة)، داعياً إلى انتهاج الحل الشامل والعادل لقضايا السودان.
وأوضحت الحركة أن المسؤول الفرنسي عبر عن تفهم فرنسا ووقوفها مع الحل الشامل، وأنها لن تتردد في تقديم الدعم اللازم لهذا التوجه على مستوى المنابر الدولية والدبلوماسية.
ويقول «مناوي» 🙁 نحن نريد تفاوضاً وليس حواراً، لأن التفاوض أقوى من الحوار وأهدافه وأجندته محددة).
وأوضح «مناوي» من العاصمة الفرنسية «باريس»، أن حركته ترفض أي حوار بالداخل وقال: (نطالب بإجراء تفاوض في دولة محايدة تحت رقابة دولية للوصول إلى حلول للقضايا الأساسية خاصة القضية الأمنية، ووضع بروتوكول أمني يجرد مليشيات الجنجويد من أسلحتها، ومعالجة القضايا الإنسانية).
وفي ظل اختلاف الرؤى بين مكونات الجبهة الثورية، يبدو أن التعامل مع دعوة الحوار الوطني، سيجعل مصيرها مثل التجمع الوطني، وليس بحديث «مناوي» في جولة «عرمان» مع «غندور» ببعيد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية