الديوان

(مفروش) معرض للكتاب على الهواء الطلق !!

عندما كانت تكتب “القاهرة” وتطبع “بيروت” لتقرأ “الخرطوم”، كان إنسان السودان كائناً مثقفاً بالفطرة ويسعى بشتى السبل لاقتناء الكتب بمختلف أنواعها ليلتهم ما بداخلها، ووقتها كان السوداني عندما يوجد خارج البلاد يظل سفيراً شعبياً ومفخرة لبلاده في الشأن الثقافي والعلمي، وذلك ما اعطي السودان تلك المكانة العالية في الاطلاع والمعرفة والعلم، والآن وبعد أن غاب الكتاب واختفت العناوين من على أرفف المكتبات، حاولت مجموعة من الشباب أطلقوا على أنفسهم (جماعة عمل الثقافية) حاولوا أن يعيدوا للكتاب سيرته ومكانته، التقوا واتفقوا على فكرة (مفروش)، وهو عبارة عن معرض للكتاب يقام على الهواء الطلق بداية كل شهر في ساحة (السوق الأفرنجي) قبالة (عمارة أبو العلا) لأحياء فضيلة القراءة وتبادل الكتب.
أصل الفكرة
لمعرفة من أين نبعت الفكرة ومن هو صاحبها التقت (المجهر) بالأستاذ “إبراهيم الجريفاوي” وهو أحد الأعضاء المؤسسيين لـ(جماعة عمل الثقافية)، حيث أكد لنا أن الفكرة ظلت تراود مجموعة من الكتاب والشعراء والصحفيين والتشكيليين والمسرحيين على تكوين مجموعة ثقافية تفتح منبراً جديداً لمشاريعهم الإبداعية وتوفر فرصاً جديدة لدماء جديدة، وهي التي تنظم معرضاً مفروشاً لبيع وتبادل الكتب المستعملة، وقال إن الفكرة أتت من مقولة “إدورد قلاينو”: (رجال الشرطة لم يعودوا بحاجة لمصادرة وحرق الكتب، بل صارت أسعارها وحدها تكفي). والقصد من (مفروش) توفير الكتاب بأسعار زهيدة وتوفير عناوين مختلفة وتشجيع القراءة، وأضاف “الجريفاوي” أن مفروشاً واحداً من نشاطات (عمل الثقافية المتعددة)، مثل إقامة محاضرات ثقافية ومعارض التصوير الفوتوغرافي لأطفال المدارس وتنظيم فعاليات المهرجانات الثقافية الأهلية، وحول مكان (معرض مفروش) قال: وقع الاختيار على هذا المكان لقيمته التاريخية ومكانته عند المثقفين، فقد كان ملتقاهم منذ زمن الرواد، ذهبنا لأسرة “أبو العلا” وعرضنا عليهم تنظيم المعرض في فضاء بنايتهم، فوافقوا على الفور، وبخصوص المال الذي يسيرون به المعرض قال إنهم يعتمدون على اشتراكات العضوية وتبرعات الأصدقاء، وفي الشهر المقبل سوف نحتفل بمناسبة مرور عامين على عرض مفروش.
معرض جذاب
وفي جانب من المعرض التقينا بالباحث الإنثربولوجي “د. عبد المالك بن إدريس”، وهو يعرض مجموعة من كتب التراث فقال لنا: إن الشيء الذي ميِّز (مفروش) هو التقاء جيل من الشباب على إحياء الاطلاع على الكتب خاصة كتب التراث الإسلامي ذات القيمة البنائية للعقل، وحول الأسعار قال “إدريس”: قيمة الكتب هنا ليست في القيمة المادية وإنما فيما يحققه الكتاب للشخص الذي يحتاجه بما فيه من ثقافة ومعرفة تحقق له إدراكها، وكشف بأن أغلب الوراقين المشاركين في (مفروش) يبيعون الكتب النادرة المرتجعة من مكتباتهم خاصة الكتب الفكرية والأدبية وكتب التاريخ السوداني بأسعار زهيدة، وحول سؤال (المجهر) عن أكثر الكتب المباعة قال “إدريس”: رواد المعرض ليست عندهم كتب ذات اتجاه واحد، وليست الكتب المكتوبة باللغة العربية وحدها، وقد تجد أغلبهم يفضلون المطبوعات الثقافية السودانية، والطلاب يفضلون الكتب المكتوبة بالانجليزية والفرنسية والألمانية كل على حسب تخصصه.
معارض خاصة
في ركن الفكرة وجدنا الكتب المعروضة جميعها للمفكر “محمود محمد طه”، توقفنا مع “محمد معتصم” المسؤول عنه تحدث لنا قائلاً: نحن نعرض ونبيع كتب “محمود محمد طه” بأسعار رمزية وما يهمنا هو نشر كتبه فقط، لأنه يعتبر من أكثر المفكرين الذين تم تغييب أفكارهم، وأضاف: أنا أومن بأن أفكاره تصلح لحل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويوجد إقبال كبير على مطبوعاته.. وفي معرض آخر يعرض كتباً مكتوبة باللغة الانجليزية فقط قال صاحبه: لست تاجراً وإنما هاوٍ أبيع الكتب من مكتبتي الخاصة بأسعار رخيصة خدمة للشباب والثقافة والإقبال أكثر من قبل الباحثين والأكاديميين، وهي كتب الأدب الانجليزي والتاريخ السوداني الذي كتبه المؤرخون البريطانيون في فترة حكم الاستعمار البغيض.
تشكيل ومشغولات يدوية
بجانب الكتب هناك عروض تشكيلية عديدة توقفنا مع الفنان التشكيلي “عبد المجيد عفيفي” الذي أكد لنا بأن الأعمال التشكيلية تجد رواجاً كبيراً هنا، وهناك أعداد كبيرة من المهتمين بالفنون يحضرون إلى هنا لاقتناء اللوحات، وأضاف: نحن انضمينا إلى معرض (مفروش) حتى نوفر للجمهور لوحات جمالية بأسعار رمزية، وأضاف: يمكن أن استبدل كتاباً بلوحة وأعمالي تحمل رؤى روحي. أما الفنانة التشكيلية “إيناس محمد” قالت: أبيع لوحاتي بأسعار زهيدة لنشر فكرتي بواقع (20) جنياً لكل لوحة، وهذا العمل هواية، و(مفروش) وفر لنا مكاناً لعرض أعمالنا ووفر لنا أيضاً جمهوراً وإن كان أغلبه يأتي لشراء الكتب.. وفي معرض بسيط وأنيق لمشغولات يدوية قالت صاحبته: يوجد إقبال كبير على المعرض والأسعار متفاوتة تبدأ من (15) جنياً، وحول مواد التصنيع قالت من “الخرز والسكسك والأحجار الكريمة” تقوم هي بتصنيعها في المنزل.
رواد المعرض
ومن رواد معرض (مفروش) صادفنا الأستاذ “مجذوب عيدروس”، وانتهزنا الفرصة ليعطينا انطباعه عن المعرض، بدأ حديثه قائلاً: المعرض جميل ولافت للانتباه ويعتبر سوقاً مفتوحاً للكتب، وتتوفر فيه آخر الإصدارات متنوعة في مختلف المجالات لكتاب عرب والسودانيين وبعض الكتب الانجليزية، وأضاف هو محاولة لتوفير الكتاب للمستفيدين منه من طلاب المعرفة.
أما الشاعر “أبو بكر الجنيد”: قال (مفروش) تستمد كتبها من المكتبات الشخصية الخاصة غالباً، وهي تتيح وتوفر لنا كتباً نادرة تجبرنا على اقتنائها بأسعار مناسبة. بينما قال (ن . ج) تنوع الكتب ما يجذبنا وهو مساحة لتلاقي أصدقاء الفكر والثقافة والأدب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية