رأي

تأملات في كلمات

{يسمع الناس كثيراً عن عبارة (البغل) الأسترالي ويضرب به المثل في القوة والصبر. وظن الناس أنه كائن أسطوري لا وجود له، مع أنه كان في يوم يجر كل عربات حمل النفايات (الكارو). وكان مشهوراً بقامته القصيرة القوية وقدرته اللانهائية على التحمل والصبر. يتساءل (الناس) من أين جاء هذا (البغل) الأسترالي. وأقول جاء به الإنجليز من أستراليا ليخدمهم خلال الحرب العالمية الأولى، فكان يقود عربات المدافع ومشهوداً عنه السرعة والقوة. وعندما ظهرنا (نحن) في الحياة في الستينيات كانت لا تزال هناك مجموعة من (البغال) الأسترالية اشتهرت بالقوة، وقد أدت هذه البغال دوراً كبيراً للجيش الأمريكي خلال الحرب الأهلية، ولهذا يحفظون لها الجميل وبعضها نال رتباً في الجيش وكان له مرتب مثل البشر. ومع تقدم الحياة العصرية والإيقاع السريع للحياة لم يعد الناس بحاجة (للبغل)، ويتساءلون أين هو فنقول لهم لقد انقرض بوفاة ذلك الجيل، لأنه ليس نسلاً وهو كائن مكون من ناتج اختلاط حمار وحصان ويلد مرة واحدة فقط. بمعنى أن (البغل) ليس له أخ أو أخت، فإذا مات انقطع نسله. ولو تابعتم الأفلام الأمريكية القديمة لاقتنعتم أن البغل له احترامه بين الناس. والآن لا يوجد بغل لأن الجيل الذي جاء من أستراليا انقرض ولم يخلف أحداً.
> قرود غابة الخرطوم
عندما طرح موضوع إلغاء حديقة الحيوان في الخرطوم كان لكل طرف حجته، فمنهم من يرى أن الحديقة ضرورية لتعليم الأطفال، لكن انتصر الرأي الآخر الذي رأى أن الحديقة سبب في حضور سكان الريف للخرطوم فقط لرؤية الحديقة، ولا يعودون إضافة إلى ميزانيتها الضخمة، فاتفقت الآراء بضرورة إلغائها فألغيت كما ألغي (الترام). أذكر في تلك الأيام أن أحدهم كتب في صحيفة، أن حديقة الحيوان لو أنشئت في منطقة الغابة جنوب إستاد الخرطوم لن تكلف شيئاً. ولن تصدقوا أن هذه المنطقة جنوب الخرطوم كانت بها أشجار خضراء ولم يكن بها مجرمون. وما يدل على طبيعتها الملائمة مئات القرود جاءت وعاشت في أشجارها لفترة طويلة، دون أن تحتاج لمن يطعمها ويسقيها، لأنها تجد حاجتها من الأشجار حولها. ولم يراع الناس هذه النقطة فأجهضت الحديقة دون ذنب. ولازلت أذكر القرود التي كانت تخرج من الغابة لتداعبنا دون الاعتداء علينا، وكان بالإمكان تطوير هذه الحديقة لتصبح مثل حدائق (سفاري) في كينيا التي تجلب (المليارات) لكينيا كل عام، فهل نحلم بعودة القرود إلى الغابة ليعود إلى الطبيعة توازنها.
> هذا اللاعب:
هناك لاعبون يأتون ويمضون سريعاً لكنهم يتركون بصماتهم القوية على المنشط الذي كانوا يمارسونه، ومن أمثال هؤلاء اللاعب “الجيلي عبد الخير” لاعب المريخ السابق، الذي تحمل وحده مسؤولية الجانب الأيمن للهجوم المريخي لعدة سنوات. كان هذا اللاعب ينطلق بالكرة على حافة الخط ولا يستطيع أحد أن يأخذها منه، إلى أن يرسلها أو يعطيها خطيرة جداً. واستمر هذا اللاعب لعدة سنوات يقدم التضحيات والانتصارات للمريخ دون أن يجد كلمة شكر واحدة، لذا أقترح تكريم هذا اللاعب الآن لأنه لم ينصف وأهمله الإعلام.
> صلاح مصطفى”
كثيرون لا يعرفون أن هذا الفنان يلحن كل أغنياته بنفسه وكلها ألحان جديدة مبتكرة وكلها ألحان جميلة جداً ومنوعة، لا تستطيع أن تقول إن له أسلوباً واحداً في التلحين، فهو يتنوع في الأداء الأوبرالي إلى الأداء الشعبي الحماسي إلى الأناشيد. ولا يزال أنجح أناشيد أكتوبر هو ذلك النشيد الذي لحنه في ثورة أكتوبر، ولا زال حتى اليوم أروع أناشيد أكتوبر، وحتى في الأغاني الدينية كان يضع ألحاناً مبتكرة تجعله لا يقل عن الأغنية العاطفية، ولو أن هذا الفنان ظهر في بلد آخر لكرم أفضل تكريم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية