أخبار

وثبة الإصلاح..!! (1)

} وثبة الإصلاح التي أعدتها لجنة خاصة داخل حزب المؤتمر الوطني، وكشف الرئيس “عمر البشير” في السابع والعشرين من يناير الماضي عن ملامحها الرئيسية، وجدت طريقها إلى مجلس الوزراء في جلسة استثنائية مطلع الاسبوع الجاري!! لماذا عبرت الوثيقة من دهاليز الحزب إلى مفاصل الدولة، وقد كان مقرراً حسبما أعلن البروفيسور “إبراهيم غندور” مساعد الرئيس أن يضع المؤتمر الوطني الوثيقة باعتبارها كتاب الحزب الحاكم ورؤيته لإصلاح شأن الدولة أمام مؤتمر الحوار المرتقب مع القوى السياسية؟! وبدا حديث د. “غندور” منطقياً جداً باعتبار الوثيقة (حزبية) تعبر عن وجهة نظر حزب واحد، قابلة للتعديل والحذف والإضافة حتى تصبح وثيقة وطنية تشكل أرضية متفقاً عليها، لإصلاح حال وطن مزقته الصراعات وأقعدته الحروب، وبات الآن طارداً لفلذات أكباده وجحيماً لبعض سكان ولاياته الطرفية في الدنيا قبل يوم الحشر والميعاد.
ولكن فجأة انتقلت الوثيقة الإصلاحية إلى مجلس الوزراء، لتصبح برنامج حكومة تتوافق عليها مكونات الحكومة الحالية بدلاً عن الأحزاب الحاكمة والمعارضة.. فهل طرح الوثيقة على مجلس الوزراء يمثل تعبيراً عن فشل مساعي التوافق الوطني للأحزاب السياسية في المعارضة والحكم؟؟ وهل الأحزاب المشاركة في الحكومة ستدرس الوثيقة التي أجازها مجلس الوزراء داخل أجهزتها، ويعود ممثلو تلك الأحزاب برؤى وأفكار أخرى تضمن في الوثيقة؟؟ أم سيبصمون على الوثيقة كما جاءت من الحزب الحاكم؟!
} تابع الشعب السوداني إفادات بعض الوزراء ووزراء الدولة في الجلسة التي امتدت لساعات.. وبكل أسف بعض مساهمات وزراء الحكومة تكشف عن بؤس عطائهم ونضوب معينهم من ما يساهم في إثراء الحوار.. وبكل أسف بعض (مداخلات) الوزراء كشفت عن سوء اختيار هؤلاء الوزراء، فكيف ارتقوا إلى مناصب الوزراء ولماذا؟؟ وهل هؤلاء يمثلوننا أم يمثلون بنا؟!
} كنت أتوق لوزير يتحدث عن السلام كضرورة لاستقرار البلاد سياسياً واقتصادياً، ولكن خاب الظن والأمل والرجاء.. كان الشعب (يتوق) إلى رؤية حول الهوية الوطنية، ولكن سمعنا فقط إشادة بخطاب الرئيس وثناء ومدح للوثيقة، مع أن الوزراء ليسوا بحاجة للثناء على رئيسهم، لأن ذلك يخصم من رصيدهم لا يضيف إليهم.. ولكن آه.. ذلك ما لم يقدره هؤلاء الشباب، القادمون من وظائف صغيرة في الخدمة المدنية ومؤسسات الطلاب وصناديق الإعاشة إلى مناصب كبيرة، ليصبحوا رجال دولة في أرقى المراتب العليا في الأجهزة التنفيذية والسيادية.
} وثبة الإصلاح التي أعلنها الرئيس، وينتظر أن تصبح وثيقة للحكومة في مقبل الأيام، دعت فيما دعت إلى إصلاح اقتصادي شامل يبدأ بالتقشف في الصرف وزيادة الإنتاج والارتقاء بصادرات السودان وتهيئة مناخ الاستثمار.. تلك مطلوبات ثانوية للإصلاح الاقتصادي.. أما المطلوبات الجوهرية لأية سياسات إصلاحية للاقتصاد فتبدأ بوقف الحرب الدائرة في البلاد حالياً.. وقرار وقف الحرب تتخذه الحكومة في أعلى مراتبها، وبقناعات لا تزحزحها الرغبة في الاستئثار بالسلطة والسعي لسلام بدون ثمن حقيقي.. وأي حديث عن إصلاح الأوضاع الاقتصادية وترقية الخدمات الضرورية وتنمية القطاعات الإنتاجية في مناخات الحروب التي تستنزف الإمكانيات والقدرات، يعدّ ضرباً من الأماني المترفة، وبيد الحكومة وحدها وقف الحرب اليوم قبل الغد.. فكيف ذلك؟!

نواصل

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية