أخبار

على كيفك !

عمال بمطار الخرطوم تستلم شركة مختصة بعض- (أكرر) بعض- مهامهم فيعطلون حركة الملاحة الجوية ويتعثر سير العمل بالمطار ويتعسر أمر الواصلين إليه يومها، لأنهم يرفضون الخطوة فنصبوا أنفسهم حكاماً وقضاة وبوضع اليد اتخذوا قرارهم وفعلوا فعلتهم وشيخ في بوادي دارفور لا يعجبه لسبب صحيح أو غير صحيح الوالي المنتخب من الناس فيطالب بإقالته وإلا فإن (السكين تابى الضراع)، وشرطة المرور تجد أن أعداد الواصلين إلى مراكز ترخيص السيارات قليل فتشن حملة تحتجز بها المركبات المخالفة ولا تقبل التسوية رغم أن قانون الشرطة نفسه لا يجوز احتجاز (رخصة القيادة) ناهيك عن المركبة كاملة !
يمكن إيراد عشرات الأمثلة، فيمكن مثلا لأي معتمد أن يخالف توجيهات واليه ويصدر ما يشاء من أوامر وقرارات محلية ويتشدد فيها، ولهذا لا يكون غريباً أن تقود بعض المحليات والولايات المدخنين للتبغ إلى الحبوس والغرامات بينما في أماكن أخرى يعتبر الأمر قانونياً حتى لم يبق إلا أن ينطبق على السودان حديث الطرفة التي زعمت أن ببعض البلدان يوجد كبير (يسفر) وآخر (يسكر) كناية على ان بعض المشروبات مباحة في منطقة من الحكم وفي أخرى بذات البقعة فإن الموقوف يرحل لأنه أتى كبيرة.
الشاهد في حالتنا أن الكل، مواطنون وسلطات، صار كل منهم يحدث ويأتي من الإجراءات والسلوكيات ما يعزز فقط فرضية (على كيفك) ، فرقعت القوانين ثم مزقت، لأن في كل الأمثلة التي سقناها يفترض أن الحاكمية للقانون والدستور فإن ظلمك وأنت شيخ كبير والٍ أو حاكم وأنت ترفض ذلك فليكن الصراع في إطار القانون وكذا الحال لعمال المطار أو حتى لقرارات المعتمدين بل حتى قرارات الشرطة والمحتجين عليها يجب أن يدار الأمر بطريقة حضارية لا سبيل فيها لأسلوب القهر والإجبار والتمرد وأخذ الحق باليد لأن من يتمرد على ولاية والى ويرفع في وجهه أصبعه ناهيك عن سلاحه أو من يأخذ حقه بإغلاق الأجهزة والمعدات مثل حالة المطار أو أن تجبر الشرطة المواطنين على حجز مركباتهم.
مهما كانت المبررات والدوافع فالصحيح أن للجميع حقوق وواجبات، الفصل بينها حين الاشتجار والاحتكاك عدالة القانون الذي يتساوى أمامه الجميع ولأن انفراط كل هذا يعنى فقط العشوائية والأخطر من هذا أن يظهر الدولة وسيادتها وكانها مختلة وان البلد بلا جهة ضابطة تامر فتطاع وتزجر فيرعوى الكل وتقول فيصمت وللأسف فإن ما أراه يعزز فرضية السيولة وأن كل مواطن منا ومؤسسة صارت لها قانونها الخاص بها وقرارها وامرها بيدها وان وصلنا لهذه الحالة فإن الغلبة دوماً ستكون لصاحب الشوكة فمن كان نظامياً سيعلو على من كان مدنيا ومن كان صاحب عز بأهل وعشيرة سيرى نفسه وفق خيارات الناس الديمقراطية.
أقيموا دولة القانون والعدل والمؤسسات، ولا داعي لإشاعة ثقافة (اركب راسك) تقضي أمورك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية