المشهد السياسي

«حسبو» والعمل على الأرض!!

كانت الشكوى منذ أمد قريب في الدستوريين والتنفيذيين (مركزيين أو لا مركزيين) أنهم لا يفعلون مواقعهم ويأتونها حقها، بل يسكنون حيث هم.. لا يتحركون إلا حيث زوجات ومصالح أخرى. وهذا أمر حرك الأقلام والألسن في وقت يصطاد فيه أهل الإعلام والسياسة الفرص، وذلك ما ليس منه بد.
هناك ولاة يقال إن وجودهم في المركز وترددهم عليه لأغراض خاصة، أكثر من وجودهم وحراكهم في حيث المسؤولية التي انتخبوا لها أو كلفوا بها، وذلك ليس اليوم فحسب، بل منذ زمن وفترات حكم لم يعرف فيها المسؤولون الوصول إلى الأقاليم أو حيث الأزمات. ويمكن الرجوع إلى تلك الأزمنة لنقف على الحقائق.
والآن هناك مسؤولون على مستوى دستوري كبير لا يكاد يلمس لهم أثر أو يحس جراء غيابهم الطويل عن مواقعهم لأسباب يعلمونها هم ولا يعلمها غيرهم، وإن بدأوا حراكاً خفيفاً في الآونة الأخيرة.
نقول هذا ونحن نفخر بما يقوم به نائب الرئيس السيد “حسبو محمد عبد الرحمن” في إقليم الأزمات وعدم الاستقرار، إقليم دارفور، وفي الولايات الأكثر شهرة وحدّة في ذلك الشأن، فقد جاب أصقاع الإقليم الحدودية والتقى من التقى وقام بالكثير مما يمكن عمله دعماً للاستقرار وتسكيناً لهموم التهميش والنسيان.
السيد “حسبو” لم نرافقه في رحلاته وجولاته إياها، إلا أننا تابعناها من خلال الإعلام المسموع والمقروء أيضاً. وقد أثار انتباهنا أنها تمرين إداري وسياسي و(خدماتي) يستحق أن يحتذى ويوضع في البال والأجندة عند كل مسؤول، لأن المسؤولية أداة عمل.
وبقي لنا من بعد أن نسأل عن ماذا كانت مخلصات ونتائج حراك السيد “حسبو” في الإقليم الدارفوري الساخن، الذي بقي فيه لأسبوعين كاملين وربما أكثر، فقد كان هناك من البشريات والإيجابيات:
– أولاً: انسلاخ ستمائة عنصر مسلح من جماعة “مناوي”.. عادوا بأسلحتهم وهم ينشدون السلام والاستقرار والتنمية.
– ثانياً: كان هناك معرض نيالا التجاري الذي جمع فأوعى من المؤسسات والمستثمرين السودانيين والأجانب.
وربما كان هناك غير ذلك مما لم تسعفنا به الذاكرة، أو يصل إلينا إعلامياً.
على أن في هاتين النقطتين الأولى والثانية الكثير الذي يستحق أن نقف عنده. ذلك أنه يعزز سلام دارفور واستقراها، ويقول إنها عادت إلى ممارسة دورها المعهود في مجال الاقتصاد. فعاصمة إقليم جنوب دارفور “نيالا” معروفة بأنها مركز تجاري وصناعي، وملتقى طرق، وجاذبة للمستثمرين من الداخل والخارج. ومن هنا فإن المعرض المذكور وقبله مناشط خدمية أخرى قد دعمها، وفي هذا دعم لكل البلاد وليس لإقليم جنوب دارفور أو دارفور كلها وحدها.
وطبعاً هذا ليس من صنع السيد نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” وحده، وإنما آخرون تنفيذيون وإداريون، وسياسيون آخرون كثر. غير أن حضور السيد نائب الرئيس للحدث ومخاطبته للحضور كان له صداه ومعناه. ومن ناحية أخرى، والمعرض المذكور تجاري وصناعي متميز، فقد كان هناك السيدان وزيرا الاستثمار والتجارة، وربما غيرهما، إلى جانب رجال أعمال مشاهير.
مهما يكن من أمر (في كل حركة بركة) كما يقولون..! وعليه فإن حراك السيد “حسبو عبد الرحمن” في دارفور، وهو من أهلها يعلمها ويعلم مجريات الأمور فيها وسبق له أن اضطلع بذلك، ربما يفتح الطريق لحراك مماثل من آخرين في السدة الرئاسية وغيرها، وإن كنا لا ننكر ما لهم من نشاط.
ومن أكثر ما يذكر ويشار إليه في سياق زيارة السيد “حسبو” الطويلة لدارفور، أنها جاءت في وقت تنشط فيه السلبيات التي تقول بعدم الاستقرار ومن ذلك:
– شائعة م اغتيال السيد “كبر” والي شمال دارفور..!
– ومحاولات الحركات الدارفورية المسلحة ممارسة نشاطها في السلب والقتل.
وبالعودة إلى ما ذكرنا أعلاه نقول:
إن السيد “كبر”، وهو كبير إنجازاً وقبولاً في ولايته التي انتخب للمسؤولية فيها أكثر من مرة، حي يرزق، ويمارس نشاطه بشكل راتب حسب ما صدر من معلومات وإعلانات من الولاية ومنسوبيها.. لذا فإن الشائعة ماتت في حينها رغم أن أجهزة ومؤسسات صحفية احتفت بها وأبرزتها في صفحاتها الأُول.
والمحاولة نفسها، إن كانت قد حدثت، فهي ممارسة معروفة في كثير من الدول، وعندما لا تحقق أهدافها تصبح خبراً ينتهي في حينه. فحفظ الله السيد “كبر” وولاية شمال دارفور وكل دارفور.
والمحاولة، إن صدقت، مؤشر سوء في الخلافات السياسية بين “كبر” ومخالفيه في الرأي والسياسة والممارسة، وهو ما لم نعتد ممارسته في تاريخنا السياسي والاجتماعي. ذلك أن صندوق الانتخابات هو الحل والفاصل في كل الأحوال الديمقراطية. ونذكر هذا بما يقال إن ثمة خلاف زعامات والأسوأ خلاف قبلي.
وهنا في الأمر درس للجميع، وفي المقام الأول والي شمال دارفور السيد “كبر”، والزعيم المعارض المعروف “موسى هلال”. فليراجع كل موقفه ليعمل ما يمكن عمله استقراراً للأحوال والأوضاع.
وعوداً إلى بدء، فإن السيد نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” قد استن سنّة حسنة بما ذكرنا عن حراكه الأخير في إقليم دارفور، وما حدث فيه من منتجات ومخرجات طيبة أفاضت على دارفور سلاماً واستقراراً ونماءً كما سبقت الإشارة وسلفت في ذلك السياق والخصوص.. وذلك ما جعلنا ندخل في هذا المشهد السياسي اليوم بعنوان (حسبو والعمل على الأرض)، فقد عمل الرجل على الأرض فعلاً ولم يتدثر بدثاره الدستوري وينام في المركز.. فشكراً له وتمنياتنا بالتوفيق.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية