أحلامنا وأحلامكم
> هل من حقنا كسودانيين أن نحلم بعاصمة حضارية فعلاً لا قولاً .. وحضارية بمعايير الحضارة الحديثة طرق كهرباء.. صرف صحي.. نظام حديث في التسوق.. أمن نظافة وقبل كل ذلك إنسان لا يرمي بفضلاته في الطريق العام، ولا يقضي حاجته في العراء. ونساء يأكلن بعرق جبينهن ولا يلاحقهن مسؤول بلدية ولا شرطة نظام عام؟
ولاية الخرطوم قدمت أمس (الأحد) رؤيتها وقالت كلمتها حينما دعا الوالي “عبد الرحمن الخضر” الكتاب والصحافيين ورؤساء التحرير، لحضور اجتماع لمجلس وزراء حكومته، بلا خوف من تسرب معلومة لأجهزة الإعلام ولا خشية أن يكشف الصحافيون ما تتوجس منه الحكومات في بلادنا، حيث يعتقد بعض المسؤولين أن ميزانية المحليات سر لا ينبغي الاطلاع عليه، وقضايا الناس الحياتية من أسرار الدولة التي ينبغي حفظها.. لكن د. “عبد الرحمن الخضر” كسر كثيراً من القيود وفتح أبواب ولايته (للناس وكل الناس)، على قول الرئيس في السابع والعشرين من يناير الماضي.
> ولاية الخرطوم كشفت عن خصلات شعرها وجزءٍ من وجهها القادم، ووضع الوالي أصبعه على جسد الولاية الجديد.. لا هي (فريع البان) ولا هي (تمشي الوجى الوحل)، عاصمة قادمة مثل “القاهرة” و”بغداد” واسطانبول، وربما “أبوجا” و”الدار البيضاء” ولن نأتي بذكر “الرياض” و”دبي”، ولا حتى “الكويت” و”الدوحة”، طرق حديثة بلا حفر ومطبات وسيارات تتعثر في فصل الخريف وسط الأسفلت.. جسور طائرة وأنفاق حديثة .. سكك حديدية دائرية.. محطات (للميترو) وأخرى لبصات لا تقل سعة البص الواحد عن (300) راكب، جميعهم يجلسون على مقاعد ويتصفحون الصحف، إن بقيت على قيد الحياة حتى ذلك الزمان القريب البعيد.
خطة ولاية الخرطوم بدأت في عهد د. “المتعافي” وقد اعترف “عبد الرحمن الخضر” للرجل بجهده وعرق جبينه وحسن تخطيطه وتدبيره. واعتراف “الخضر” يمهد الطريق ليعترف من يأتي بعد “الخضر” بصنعه الجميل الذي يمنع الكثيرين الخوف من المعارضين والشائنين بوصف الأقلام التي تنصف التنفيذيين أصحاب العطاء بالمادحين بثمن مقبوض، وتلك من ابتلاءات الساحة الوطنية بأقلام لا ترى في الوجود شيئاً جميلاً .. ولكن مخطط ولاية الخرطوم الذي بدأ تنفيذه منذ عامين وتنتهي المرحلة الأولى منه العام 2017م أي بعد الانتخابات المنتظرة، يستحق القراءة والتحليل والتبصير بما ستؤول إليه العاصمة بعد سنة من الآن. وبدأت الولاية بنفسها والوالي بمكتبه الذي (سيرحل) من شارع النيل الأسبوع القادم إلى غرب (عفراء)، حيث مقر وزارة التخطيط العمراني. ويتبعه ديوان المراجعة العامة وبقية الوزارات تمهيداً لتفريغ وسط الخرطوم من الوجود الحكومي الكثيف إلى الأطراف، حتى يصبح وسط “الخرطوم” مثل قلب “القاهرة” وشارع (الشانزليزيه) في “باريس” وشارع “أبونواس” في “بغداد” وشارع الحمراء في “بيروت”.. على أن يسوح الأجنبي والوطني في قلب “الخرطوم” بلا ضوضاء وزحام كما هو الآن.
وتمتد خطة الولاية للمدينتين الاثنتين “أم درمان” و”بحري” من خلال طرق دائرية حديثة ومحطات للقطار السريع.. وقالت الولاية إنها رصدت من المال ما يؤهلها لتنفيذ المشروع من غير الوقوع في دائرة الإفلاس. ومن أحاديث وإفادات وزراء حكومة “الخضر” في اجتماع الأمس الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات، لم يعول أحد على دعم مركزي يتنزل على “الخرطوم” لتنفيذ مشروعاتها .. بل اعتماداً ذاتياً على القدرات المالية التي باليد والمرتجى تحصيلها.