(نيوز روم)..!!
توقفت لبرهة طويلة أمام خبرين نفيا، وتم تكذيبهما، أحدهما أمني سياسي زعم أن والي ولاية شمال دارفور “كبر” قد نجا من محاولة اغتيال وهو ما قالت الحكومة الولائية إنه خبر غير دقيق، ثم امتد النفي والتكذيب إلى نبأ اقتصادي زعم من أوردوه أن دولة الإمارات العربية أعادت شحنة من الذهب السوداني المصدر! والذي حدث أن الجهات التي مسها الخبران كذبت الأمر برمته، واتضح حسب الروايات الرسمية أن لا حادثة محاولة الاغتيال للوالي “كبر” وقعت أو أن الشحنة أرجعت.
وأكثر من ذلك، فقد صارت بعض التسريبات تتمدد وتنتشر وتنشر دون تحقق من مصادرها، ويحدث بها إغراق للصفحات الإلكترونية.. ومن ذاك ما أشيع عن إيقاف بعض خطوط الطيران العربية رحلاتها إلى الخرطوم، حيث اللافت بالآونة الأخيرة تسلل كثير من الأخبار المضروبة إلى الصحف وتمركزها في صدر الصفحات الأولى وصعودها أحياناً إلى المانشيتات، ثم وقبل أن تغرب الشمس يأتي التصحيح أو التكذيب، ولا أقول التصويب.. والعامل المشترك بين كل تلك الروايات المنكورة، أنها ورادة في الغالب من مواقع التواصل الاجتماعي وثرثرات المدونين على الانترنت، ليتلقف المخبرون (البوست) دون إعمال أدوات التدقيق والتحري اللازمين لاستيفاء قواعد المهنية في شأن منشورات الانترنت التي لا تتقيد بمرعيات النقل، ويغلب عليها ترجيح الشائعة لتكون راجحة على الوقائع، مما يجعل النقل عنها بلا تثبت مجازفة ومخاطرة.
الانترنت والتقدم الهائل في قدرات وامتدادات الإعلام الجديد تنعكس للأسف سلباً على إضعاف مقدرات الصحفيين، إذ ركن كثير منهم إلى الكسل وانتظار السهل والصيد المتاح على الـ(فيسبوك)، حيث يتم تأسيس قصص وأعمال صحفية عليه، وتراجعت إلى حد بعيد المواد المخدومة عبر مباحث ميدانية ومتابعة حية بمصادر معلومة، لذا فقد كثرت الرصاصات الإخبارية (الفشنك) إن جاز التمثيل والوصف.
السلطات والحكومة على الصعيد الإعلامي بحاجة كذلك إلى رفع وتيرة متابعتها، فمع اتساع نطاق التواصل الإعلامي وتقارب المسافات بين السطر والحدث والزمان لم يعد مجدياً منهج البيانات التي تحرر وتذاع بعد مرور نصف يوم على تسريب ما أو وقوع حدث، وفي بلد مثل السودان يتمدد إلى الأطراف والولايات حيث غالب الحراك الأمني تحديداً والمهددات، يكون مطلوباً من بعض الولايات التعامل بقدرة أسرع على الحركة والاستدراك من مجرد انتظار وقوع البلاء ثم مكافحته بأن ما نقل غير دقيق أو لم يحدث أصلاً، ففي الإعلام البقاء عادة يكون للرواية الأولى صحت أم صنعت من خيالات ناشريها، ولهذا لابد من طريقة لما يمكن تسميته بتشبيك التواصل الفوري بين المركز والولايات، بحيث إن بروز خبر ما ولو في سطرين يمكن التعامل معه تأكيداً أو نفياً بشكل فوري ومقنع، فهذا أفضل من الردود المتأخرة.
الواقع المقلق في حالنا اليوم يشير إلى أن هناك (غرفة تحرير) مخصصة لهذا البلد، فاحذروها.