الديوان

معرض الزهور بـ(مقرن النيلين) .. صفاء روحي بين الروائح ..!

مجرد دخولنا عبر بوابة (الحديقة النباتية) أخذتنا روائح الأزهار بغتة من محيط الحياة وصعوبتها لتحتضننا في رحمها بكل حب، فالجميع هنا مستمتع بألوان الطبيعة.. المشهد ينبئ عن حب بالغ وأريحية تامة.. سكنت بالروح حيث تبتغي.. على سبيل المثال هناك ثلة من طلاب الجامعة يلتقطون الصور التذكارية… وطفلة متشبثة بأبيها لعله يتحفها بتلك العروس الكبيرة والأب يعدو خلف ابنه خشية الضياع منه.. وثمة عاشقان يتلوان أناشيد الحب.. تذكرت حينها رائعة “الكاشف” و”أبو الروس” (المقرن في الصباح) هنا يا الحبيب نجلس نروق / وسط الزهور العاملة روق
هذا المشهد جعلنا نوقن بأننا على أعتاب تفاصيل غاية في الجمال خصوصاً وأننا بموطن الطبيعة الساحرة (حي المقرن) ملتقى الجمال.. نعم فإن طبيعته ما تزال بكراً.. تنتزع الجميع من زخم الحياة ومطباتها.. وتسبي عقول العاشقين.
هذا المعرض الذي تنظمه (جمعية فلاحة البساتين السودانية) وهي تحتفل بعيدها الماسي، عند دخولنا إليه انتزعنا من على البعد صوت الفنان “جمال فرفور” وهو يغني رائعة “خليل إسماعيل” (بكرة يا قلبي الحزين تلقى السعادة)، وعلى ركنٍ قصي وجدنا الشاب “الهادي الفاضل” ممسكاً بأحد الأحجار ومجموعة من الناس حوله تتأمل في هذا التنسيق البديع، تحدث إلينا قائلاً: “بدأت هذه الهواية أنا ومجموعة من أصدقائي أثناء مرورنا في (خلاء شمال كردفان)، ولفتت أنظارنا هذه الأحجار بألوانها الغريبة، فقمنا بتجميعها وتقنينها بهذا الشكل الجمالي لتحمل أشكالاً مختلفة للأرضيات وممرات الحدائق والحوائط”، وأضاف “الهادي” قائلاً: “هذه الأحجار تسمى بـ(العقيق) وهي موجودة بكثرة في السودان خصوصاً في الصحارى، ويقال إن البحر كان هنا قبل ملايين السنين ولكنه رحل عن مكانه”.
وعند رؤيتنا لـ”بكري علي” وأصدافه الجميلة غشت أنوفنا رائحة (البحر الأحمر) وهي تقبع على منضدته دالة على العقلية الإبتكارية والملهمة، تحدث إلينا “بكري” قائلاً: “نقوم بتصميم أشكال من الأصداف البحرية وطلائها بألوان واستطعنا الاستفادة منها في تزيين (صواني الأعراس) والزينة للمناسبات الكبيرة كالـ(الزيجات الجماعية) وحتى الأصداف يتم انتقاؤها حتى تلاءم الشكل المراد تصميمه، كـ(السكرية) و(شيالة الحلوى)، إضافة إلى  مجسمات كالـ(القطية) و(الجبنة).
أما المهندس “عبد الوهاب حاج أحمد” متخصص في تصميم الحدائق ويملك أنواعاً نادرة من الدجاج وصفها قائلاً: (لديّ العديد من أنواع الدجاج كـ(“البراهمة”، “الكوشين”، “المحارب الهندي”، “المحارب الباكستاني”، “المقزم”، “الدجاج القطني والحريري” وغيره، وهذه الأنواع تأتينا عابرة للقارات مثلاً “البراهمة” يأتي من “الهند ” و”الكوشين” من “بريطانيا” و”بلجيكا” وأسعاره تتراوح بين مليون ومليون ونص، وختماً أتمنى لـ(المجهر) التوفيق والنجاح لأنهم يجهرون لمن لا نور لهم.
وفي معرض طوافنا التقينا أيضاً: بالطالبة “نهى عبد الله” التي قالت: نحن كمجموعة نأتي لمعرض الزهور في كل موسم لنستمتع ونقضي وقتاً جميلاً يبعدنا من زحمة الحياة وهموم الدراسة، وأصبحنا لا نضيع هذا البرنامج الجميل.
أما “مياسر حسن” فقالت: أعتمد في زينة بيتي على مواسم المعرض.. وقد فتح ذهني على طريقة التنسيق، والمتتبع لهذا الأمر بدقة يجد أن منزله قد تحول إلى تحفة جميلة من الزهور الطبيعية، وأنا أعتبرها ثقافة جميلة تضفي على حياتنا نوعاً خاصاً من البهجة.
صوت عصافير الزينة وإذاعة المعرض وخرير المياه من بعض الأعمال الخزفية.. شقشقة الطيور وهي عائدة إلى أعشاشها وأسراب الحسناوات وهن يذهبن ويجئن في الطرقات، جعلني أعود مرة أخرى لثنائية “الكاشف” و”أبو الروس” وألبسها عقداً نضيداً مع كل موعد معرض لأغني معهم قائلة: (فسحة يا سيدي انقضت وعند الأصيل لازم نعود).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية