أخبار

معارك "غندور"!!

< منذ ترفيعه من رئيس لنقابات العمال إلى مساعد أول للرئيس بالقصر الرئاسي، وأيلولة شؤون الحزب الحاكم له.. وجد البروفيسور “غندور” نفسه في مواجهة معارك داخلية وخارجية.. تبدأ بمفاوضات السلام وتبعات التفاوض مع لقاءات دبلوماسية في الخارج والداخل.. عطفاً على ملفات الحزب الحاكم.. من حوار مع الأحزاب الحليفة والشريكة والمعارضة.. وقضايا التنظيم الداخلية.. وبناء وتقويم وإدارة وملف صراعات لا تنتهي!!
< والمفاوضات مع (قطاع الشمال) ليست حواراً بين السودانيين فقط كما يعتقد البعض.. بقدر ما هو حوار مع قطاع الشمال، وما وراء قطاع الشمال من المشجعين والداعمين والممولين والمحرضين والمتعاطفين. ويجد البروفيسور “غندور” عند مواجهة قادة الاتحاد الأفريقي مدارس متعددة وأمزجة مختلفة، بعضها يقف بالقرب من الحركة الشعبية (شمال) وآخر في المنطقة الوسطى ما بين الحكومة والحركة الشعبية.. وهنا تنتقل مهام وزير الخارجية لمساعد الرئيس ويصبح دبلوماسياً بعباءة رئاسية.. وفجأة يصبح “غندور” في مقام رئيس الجمهورية حينما يواجه بعض الرؤساء ونوابهم ومبعوثيهم.. ويملك الرجل قدرة على التعبير عن نفسه ومواقفه دون انفعال ضار ولا تنازلات يقدمها من غير تبصر ورؤية.. ويصغي البروفيسور “غندور” جيداً لتوجيهات الرئيس ويستفيد من خبرة الرئيس الطويلة، لتعينه في مسار شاق وصعب.
< في اجتماعات مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخيرة شكل خطاب البروفيسور “غندور” وثيقة مهمة جداً، وبلغة رصينة خاطب الاجتماع الأفريقي بمنطق وجد آذاناً كثيرة صاغية إليه.. ولكن خارج القاعات جرت معارك صامتة.. الحركة الشعبية (قطاع الشمال) كانت حضوراً خلف المسرح ووراء المشهد المعلن. “مالك عقار” يقود وفداً من الجبهة الثورية ضم “جبريل إبراهيم” و”أركو مناوي”.. و”ياسر عرمان”. ووزيرة خارجية جنوب أفريقيا السابقة “زوما” تبدو أقرب للمتمردين ومزاجها وعشقها مع طرف واحد.. بينما حافظ “تامبيو أمبيكي” على حياده وموقفه من الأطراف المتصارعة. ومعركة المعلومات والمواقف وتعرية الآخر وتجميل الوجه خاضها “غندور” وحده بلا سند أفريقي أو عربي.. وقدر حكومة السودان أنها منذ سنوات طويلة بات ظهرها مكشوفاً.. تخلى عنها العرب وبدأ الأفارقة أقرب لفرقائها!!
< معركة “غندور” التي خاضها في دهاليز مجلس السلم والأمن الأفريقي نتائجها أثمرت إدانة سلوك الحركة الشعبية من قبل الوسطاء، والإبقاء على القضية في حيزها الأفريقي، على أن يقود “أمبيكي” الوساطة حتى نهاية الشهر القادم.. ومعارك الخارج ليست وحدها داخلياً، فالرجل مواجه بنشاط سياسي مطلوب جداً على جغرافيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث الصراع الحقيقي بين الحكومة والحركة الشعبية.. باعتبار أصل الصراع حول من يكسب ود ورضاء المواطنين.. ويملك بروفيسور “غندور” كل أسباب كسب معركته مع الحركة الشعبية في المنطقتين إذا أحسن الخطاب وأجاد الأفعال قبل الأقوال واستطاع مخاطبة (الناس كل الناس) ببرنامج المؤتمر الوطني الذي خسر الكثير جداً في سنوات الحرب، وتآكل رصيده الجماهيري خاصة في جنوب كردفان.. وما انفضاض المخلصين منه هروباً نحو أحزاب منشقة عنه إلا تجلياً لأزمة الحزب الداخلية.
< ووجود بروفيسور “غندور” في أرض المعركة ضرورة وواجب، رغم أن بالخرطوم أيضاً معارك مؤجلة وملفات تنتظر الحسم.. والمرء يشفق على رجل بات في عين العاصفة، تنتاشه السهام من كل جبهة، وينتظره الكثيرون بالأمل والعشم والرجاء والثقة. وقديماً قال “محمد إقبال”: (السياسي القائد من يتلقى الردى بصبر جميل وابتسام الرضى على شفتيه).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية