نجل زعيم حزب الأمة القومي "الصديق الصادق المهدي" في حديث خاص لـ(المجهر) (2 – 2)
يعمل تنظيمياً كرئيس للجنة الاقتصادية في المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، أما عمله اليومي فهو المدير العام لشركة “الصديقية” المحدودة وهي شركة خاصة بأسرة الإمام “الصادق المهدي” تتولى العمل الاستثماري. ولد في الملازمين بأم درمان، ودرس في بيت المال الإبتدائية ثم الأهلية العامة فمدرسة المؤتمر الثانوية، كما درس لمدة عام بجامعة الخرطوم، ثم تنقل بين جامعتين أخريين، وبعدها نال درجة البكالوريوس في هندسة النفط من جامعة “تلتا” بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وتخرج منها في العام (1996)، ثم تراجع عن دراسة الماجستير واضطر للعودة إلى السودان أيام “تهتدون”وهجرة الإمام في ديسمبر من ذلك العام.
(المجهر) التقت “الصديق الصادق المهدي” في أول حوار يجريه مع الصحيفة.. فماذا قال؟!
} على ماذا يتفق ويختلف أبناء “الصادق المهدي”؟
– (يضحك).. أولاً نحن كل منا في الجانب السياسي يهدف إلى خدمة السودان، ومساعدة والدنا لما نراه فيه من تضحية وعمل مضنٍ، ونحن كلنا لدينا قناعة بدوره الذي يقوم به، ونقدر له جهوده المبذولة وتضحياته المقدمة، لذلك فكل واحد منا يسعى بقدر استطاعته لمساعدته في ما يعمل.. هذا محل اتفاق بين أبناء “الصادق المهدي”.. أما الاجتهادات فهي تأتي في كيفية تحقيق ذلك، وهذه تأتي بأشكال محتلفة.
} وفي المسائل الأخرى خلاف السياسة؟
– (يضحك).. (ما كل زول براهو وبتفاعل مع المجتمع بي طريقتو.. نحن ما تعاريف في النهاية).
} هل فعلاً “الصادق المهدي” (غواصة) الحكومة في المعارضة ويتسلم أموالاً مقابل ذلك؟
– (شوف أول حاجة).. سيد “صادق” على سدة وقيادة أكبر حزب جماهيري في البلاد، ولا يوجد سبب يجعله ومن هذا الموقع تأتيه فكرة لبيع قضيته، وهو سبق أن عرضت عليه أثمان ضخمة بمناصب وبأشياء أخرى.
} (مقاطعة).. متى حدث ذلك ومتى عرضت عليه أثمان ضخمة؟
– أنا لا أتحدث عن مبالغ مالية، ولكن أنت حينما، مبدئياً، ترفض المشاركة في السلطة، والسلطة (ممكن تجيب ليك أي حاجة)، حينما ترفض المشاركة في السلطة لأنها لا تحل مشاكل الناس وقضايا الوطن، فذلك معناه أنك تقف موقفاً مبدئياً.
} يستدل كثيرون بأن المعارضة كلما قطعت شوطاً في مسعاها لإسقاط الحكم القائم يأتي “الصادق المهدي” و(ينفس الموضوع)؟
– هنالك تباين في الرؤى، وأيضاً اختلاف في الاجتهادات في هذا الأمر.. أولاً القياس غير دقيق هنا، لأن السيد “الصادق المهدي” حينما يقرر في الشأن السياسي فإنه يحسب لقراره ألف حساب، لأنه ليس بمفرده، بل هو على رأس جماعة ممتدة في كل بقاع السودان، لذلك لو قال أي حديث فإنه يعلم تبعات هذا الحديث على كل جماهيره وعلى الجمهور السوداني، ولديه نظرة يختلف فيها مع عدد من الناس، ولكن ذلك لا يجر اتهاماً، ففي النهاية هو على رأس أكبر حزب سياسي في المعارضة، ويتولى هندسة حل المشكلة السودانية، ولو أراد عمل حسابات خاصة لمصلحته الخاصة لكان فعل ذلك منذ وقت بعيد.. (عشرين مرة).. وعرضت عليه عروض ينال فيها ما يريد.
} هل صحيح أنه يتسلّم مبلغ (168) ألف جنيه شهرياً من المؤتمر الوطني؟
– حديثي هنا، أنه وفي قراراته السياسية يتحدث بما يحل مشكلة البلد، وهذا الدور في النهاية لا يستطيع أحد أن يلعبه غيره، لأن تركيبة رئيس حزب الأمة لا تقارن بأي رئيس حزب آخر لتاريخ الحزب والجغرافيا والتأثير، ولا ننتقص من قدر الآخرين هنا.. ونتيجة لهذه الأوضاع، فإن وضعه فيه خصوصية كبيرة، وتحركه في كل أمر لابد أن يزنه بميزان الذهب، ودونك تجربة “نيلسون مانديلا” الذي طالته الاتهامات ومن بينها أن الحكومة قامت بشرائه، وبأن موقفه لان وتنصل عن اتفاقياته ومعارضته الشديدة.
} ولكن الموقف مختلف هنا فـ”الصادق المهدي” هو رئيس وزراء منتخب تم الانقلاب عليه ويمثل الثقل في معارضة الحكم القائم بينما مواقفه مخذلة؟
– هي مسألة وقت، فـ”نيلسون مانديلا” حينما طالته الاتهامات لم يتوقع أحد أن يأتي زمان ويحقق فيه ما حقق، فالعبرة بالنتائج.. الآن بالنسبة للسيد “الصادق” أنا أجزم لك أنه لا تسيره المصلحة الشخصية ولو كان كذلك لكان قبل بنصف السلطة و(ريح نفسو)، ولما سار في (تهتدون).
} أنا أتحدث عن الحاضر.. لماذا إذاً يتهم بتخذيل المعارضة على الدوام؟
– أنا أتحدث لك عن جوانب مختلفة أدت إلى ما تتحدث عنه، وأنا نفسي كمواطن سوداني أنظر له وأحلل موقفه مثلما تقيمه أنت، ومثلما يقيمه من يتهمونه.. أنا أيضاً مواطن سوداني وأقوم بتقييمه وأيضاً لديّ رأي.. أنا أرى إنساناً يعرض حياته للخطر من أجل الوطن، وتعرض عليه المشاركة في السلطة مناصفة ويتمنى ما يريد، ويرفض من ناحية مبدئية، لأن ذلك لا يحل مشكلة الوطن والمواطن.. هذا شخص مبدئي.. نأتي إلى اختلافه مع أناس في المعارضة على ترتيبات معينة، هو لديه حساباته، وأنا لا أريد غمط حق من اتهموه، فكل له اجتهاده السياسي، ولكن حينما يكون شخص مهما كان وجوده في الساحة السياسية ويريد أن يقرر فعل شيء فهذا القرار لشخص على رأس حزب كحزب الأمة، وهو لديه حسابات أخرى.. وحتى الآن يطرح النظام الجديد، وليس فيه اتفاق ثنائي، وفي حال عدم الموافقة عليه فنحن سنذهب في البدائل الأخرى عبر الميادين والساحات للضغط على النظام لتحقيق هذا الهدف.. إذن “الصادق المهدي” في أطروحته للحل لم يصل إلى مرحلة الدعوة للخروج إلى الشارع، وقال نحن لا نمنع السودانيين من الخروج والتعبير عن ما يريدون، فذلك من حقهم، ولكن لم يأت الوقت لنقول فيه للناس اخرجوا.
} متى سيقرر أن على الشارع الخروج للتغيير؟
– هنالك أولويات، والحل في الوصول لاتفاق شامل.. الخروج إلى الشارع فيه مواجهات ودماء وتبعات، ومن الممكن أن تضطر، والشعب خرج قبل ذلك مرتين، ونحن لدينا طرح محدد، وحزب الأمة هو الحزب الوحيد الذي لم يشارك في النظام.
} حدثت تحولات عميقة في السودان وبات ما يطلق عليه (الأحزاب التقليدية) لا يستهوي الشباب.. ألا تخشون من المستقبل؟
– أتفق معك بأنه حدث تحول في الساحة السياسية والاجتماعية السودانية، وحزب الأمة نفسه، لأنه حزب له حراك تنظيمي مستمر لم يتوقف عند محطة العام 1989م، فهو يقيم مؤتمراته العامة وينتخب أجهزته، وحينما يتم تجديدها ويتم الانتخاب، يتم تكوين الرأي.. على سبيل المثال، المكتب السياسي للحزب به تمثيل جغرافي يشمل كل السودان، وكون قطاعات مختلفة، وبه تلاقح للأجيال وذو تركيبة بها كل مكونات السودان الاجتماعية ممثلة في المكتب السياسي.. وأريد أن أقول إنه كلما تعقد مؤتمرات الحزب من فترة لأخرى ويتم فيها تصعيد حقيقي ويتم انتخاب ممثلين من قواعد الحزب، فإن هذا الأكثر فاعلية وتواصلاً، ويقدم لك رأياً متفقاً عليه وبه مشاركة من جهات كثيرة، وهذا برأيي من الأسباب القوية جداً لفعالية حزب الأمة وحضوره في الساحة السياسية السودانية.. نعم توجد مشاكل لأنه حزب موجود في ظل نظام شمولي ودكتاتوري قامع، وفي ظروف بلاد لا تتاح فيها الحريات بالقدر المطلوب على الأقل، وهنالك ظروف مختلفة تجعل كل الأحزاب السياسية السودانية لديها مشاكل، وحزب الأمة كواحد منها يواجه هذه المشاكل، ومع كل ذلك فإن لحزب الأمة ميزات كثيرة أولها أن لديه قاعدة صلبة ومصممة ومتفقة عليه، ولم تحدث بها شروخ بشكل مزعج للحزب، والحزب لديه قيادة متفق عليها باستثناء من يخالفون بالخروج، وقرارات يتخذونها بأنفسهم، وهنالك مرجعيات متفق عليها كصمام أمان لأي خلافات، وذلك ما يجعل الحزب موجوداً في الساحة بشكل فعال.
} لافتات حزب الأمة زادت.. لماذا؟
– صحيح أن هنالك عدداً من مسميات حزب الأمة تبلغ (ستة) أو (سبعة) ولكن انظر إلى الثقل الجماهيري.. أقول لك إن معظم اللافتات هذه هي تفريخ من حزب الأمة (الإصلاح والتجديد)، حيث الذين شاركوا في السلطة، ثم تفكك إلى اللافتات الموجودة الآن، ولكن أريد أن أطمئنك بأن جسم الحزب الرئيسي موحد وصامد وصلب.. لكني أقر بفقداننا كوادر وقيادات.
} ما هي الأسباب؟
– السبب الرئيسي لأكبر نزيف للقيادت والكوادر التي فقدها حزب الأمة كان اختلاف الرؤية السياسية في العام 2002م، فالحزب قرر بالإجماع وقتها رفض المشاركة التي عرضت عليه من اللجنة التي فاوضت نظام الإنقاذ بقيادة “مبارك المهدي” والتي جاءت بعرض للمشاركة، وحينها انقسمت مؤسسات الحزب بنسبة (80%) ضد المشاركة، بينما رأى (20%) قبول المشاركة، وفي النهاية قدم رئيس الحزب قراراً توفيقياً أجمع عليه الجميع وهو أن تتم المشاركة في إطار تحول ديمقراطي، أو في إطار حكومة قومية لا تعزل أحداً وتتفق عليها جميع الأحزاب، ولكن جماعة (الإصلاح) كان لديهم عرض بالمشاركة وخالفوا قرار الحزب وذهبوا للمشاركة.
} هنالك حديث عن د. “مريم الصادق” بأنها تحزم أمتعتها للمغادرة.. هل هذا صحيح؟
– هي غادرت إلى أمريكا لارتباطها بسلسلة مؤتمرات هناك، وستعود بعدها.
} رشح حديث عن مشاركة مقبلة لك شخصياً في الحكومة.. ما مدى صحة هذه الأنباء؟
– أنا ليس لديّ سبب للمشاركة أصلاً…
} (مقاطعة).. ربما يكون قراراً حزبياً؟
– هذا من الأحاديث التي (تتقال ساي).. حزب الأمة متمسك بقراره، وقيادته وأجهزته ومؤسساته رأيها أن لا يشارك الحزب مشاركة ديكورية لا تحل قضية الوطن، والحزب لو أراد مثل هذه المشاركة لكان شارك، فالحزب عرض عليه نظام الإنقاذ ومنذ العام 1989م ولأربع مرات أن يشارك بالمناصفة (يدوهو نص الحكومة).. إلا أن الحزب رفض شكل هذه المشاركة التي يمكن أن (تريح الناس الاستوزروا وبلغوا المواقع، والقيادات العليا ح ترطب)، ولكن قضية البلد لن تحل وكذلك قضية المواطن، وهدف حزب الأمة (مش يريح قياداتو وناسو البستوزرو).
} ولكن حواركم مع المؤتمر الوطني قطع شوطاً كبيراً؟
– حزبنا يطرح النظام الجديد، وهو إشراك كل أهل السودان في الشأن السوداني، وهو موضوع الحروب المشتعلة في المناطق الثلاث، قضية الشرق، تحقيق السلام وإيقاف الحرب.. الأمر الثاني تحقيق السلام وخلق علاقة توأمة مع دولة الجنوب، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج اقتصادي قومي يتم الاتفاق حوله.
} هل سيقبل المؤتمر الوطني بطرحكم فهنالك رؤى من أحزاب أخرى؟
– الفكرة هي إشراك السودانيين في الشأن السوداني في القضايا الملحة، وهذه لا اختلاف حولها الآن، (فزمان كان في غلاط).. وبالإضافة إلى ما ذكرت حول القضايا الملحة، هنالك مسألة استعادة العلاقة مع المجتمع الدولي، وشرعية الحكم التي ينبغي أن تبنى على الانتخاب والتداول السلمي للسلطة، وهذا نظرياً محل اتفاق من جميع الأطراف.
} ماذا عن حديث الحكومة القومية؟
– الحل العملي أن يتم، وبشكل عاجل، تكوين حكومة قومية يشترك فيها كل السودانيين.
} كيف يمكن فعل ذلك عملياً.. أن تضم (كل) السودانيين؟
– حزب الأمة في أطروحته صنف القوى السياسية التي يتحدث عن مشاركتها، وهي التي لديها أسس، وهي أحزاب (الجمعية التأسيسية) للعام 1989م، وكذلك التطورات التي حدثت لاحقاً، حيث أصبحت لدينا حركات مسلحة، والأجسام السياسية الموجودة في الساحة السياسية السودانية الناس يتفقون عليها بشكل لا يعزل أحداً.. تشكل حكومة قومية وتتولى هذه الملفات وتدير الانتخابات العامة.
} ماذا عن الدستور؟
– الدستور أيضاً مطروح للاتفاق حوله.. ففي النهاية نريد الاتفاق على الدستور بشكل قومي.