توحيد المنابر!
{ أول خطوة نحو حل مشكلة حرب السودان، التي تعتبر المنطقتان “جنوب كردفان” و”النيل الأزرق” إضافة لدارفور مسرحاً لها، الاعتراف أولاً بفشل المبادرات المطروحة الآن على الساحة، وهي المبادرة الإفريقية التي يقودها الوسيط “إمبيكي”، والمبادرة المشتركة التي تقودها الدوحة.. ثقوب المبادرة الأولى متعددة، وقد كتب “إمبيكي” بلسانه نعياً بليغاً لمبادرة الاتحاد الإفريقي وذرف الدمع على وقت طويل أهدر في اللاشيء.. وقال إن المبادرة وصلت لطريق مسدود وفشل حتمي، واليوم يصدر مجلس الأمن والسلم الإفريقي بشأنها القول الفصل!! أما المبادرة القطرية فقد صممت في الأصل على مقاس حركة (العدل والمساواة)، وحينما استعصى إقناعها بما هو معروض استنسخ “د. التجاني سيسي” بديلاً لـ”خليل إبراهيم”، ولم يفلح “السيسي” في بسط الأمن ولا جمع الدارفوريين على الحد الأدنى.. وما تزال جهود التسويات تمضي ولكن (بالقطاعي)، وتفضل الحكومة التوقيع على اتفاقيات مع المنشقين عن كياناتهم الأصلية ومن ثم تتنصل عن تلك الاتفاقيات حينما تكتشف عدم جدواها.. وفي كل يوم تغرق بلادنا في بحر من الدماء والدموع وتقف على أطلال الحزن والأسى!
{ صيغة (الجبهة الثورية) كتحالف عسكري يضم تيارات سياسية وفصائل عسكرية ومليشيات قبلية، رغم مخاطرها على بنية المجتمع كمحاولة لتقسيمه إلى (عرب وأفارقة) (مهمشين ومهمشين)، إلا أن الوجه الآخر من العملة يمكن الاستفادة من صيغة (الجبهة الثورية) وتوقيع اتفاق سياسي معها ينهي النزاع الحالي ويجفف منابع الدم. ومن خلال مساومة سياسية واحدة ودفع فاتورة واحدة بدلاً عن فواتير متعددة تستطيع الحكومة التفاهم مع (الجبهة الثورية) وتوقيع اتفاقية معها ليضع الجميع السلاح وتنتهي دورة العنف في البلاد!
{ مثل هذا الطرح يجد الرفض المطلق من قيادات حكومية متنفذة، حيث لا تعترف الحكومة بـ (الجبهة الثورية) ولكنها تعترف بمكوناتها من حركة شعبية، وقد وقعت الحكومة معها اتفاق (نافع – عقار) وفاوضتها في “أديس أبابا” مؤخراً.. كما اعترفت الحكومة بفصائل دارفور من (العدل والمساواة) و”مناوي”، وقد بعثت إليهم موفدين التقوهم في “إثيوبيا” و”يوغندا”، وظل “صديق ودعة” يطوف على المتمردين من عاصمة لأخرى نيابة عن الحكومة، فلماذا المكابرة ورفض التفاوض مع (الجبهة الثورية) مجتمعة بدلاً عن شرذمة الاتفاقيات وتعدد المنابر والمبادرات؟!
{ هل تطالب (الجبهة الثورية) في قسمة السلطة – وهي كما يقول العرب في البادية (الجرح الذي قتل البعير) – أكثر من نائب أو نائب أول لرئيس الجمهورية وحزمة من الوزارات أربعاً أو خمساً ومشاركة في صناعة القرار.. وقسمة جديدة للموارد بين المركز والولايات؟ وهل يرفض (المؤتمر الوطني) مبدأ تقاسم السلطة مع فرقائه من حاملي السلاح؟!
{ إن دعوة الرئيس “عمر البشير” للحوار الوطني إذا لم تشمل القوى التي تحمل السلاح – وكما قال الرئيس الأمريكي الأسبق “كارتر”، ينبغي أن تمتد يد الرئيس لما وراء القوى العربية والإسلامية في السودان – فإنها لا جدوى منها ولن تحقق المقاصد التي رمى إليها الرئيس “البشير”.