"حسبو" في الميدان!!
{ اشتعلت الحرب في دارفور جنوبها وشمالها، وباتت قرى آمنة – حتى وقت قريب – رماداً تذروه الرياح.. وغضب الرجل الحليم د.”التجاني سيسي”، وقال في مؤتمر صحافي إن اتفاقية الدوحة التي جاءت به باتت مهددة بالفشل. والعبارة تمثل مقدمة لخطوة قد يقبل عليها “السيسي” في قادم الأيام إن لم (تتدارك) الحكومة الأوضاع المتردية في الإقليم الجريح. وما أشبه واقع د. “التجاني سيسي” بماضي د. “رياك مشار” قبل عودته إلى أحضان الحركة الشعبية، حينما ترنحت اتفاقية 1997م بين الحكومة وحركة استقلال جنوب السودان.. وهل (لا حظتم) ملامح الوجه وتفاصيل الأناقة ونعومة (الملمس) ما بين الدكتورين “التجاني سيسي” و”رياك مشار” وقدرتيهما على تحمل الأذى والصبر على نوائب الدهر؟!
{ سال الدم في جنوب دارفور حتى ارتوت الأودية في فصل الصيف، وتبعثرت قرى العودة الطوعية، وزاد عدد النازحين الجدد عن (30) ألف نازح بتقديرات السلطة الانتقالية.. وكلما زادت أعداد النازحين وفتحت معسكرات جديدة، فرح “عبد الواحد محمد نور” وتهللت أساريره، فالرجل تخصص في استقطاب النازحين، والاستثمار فيهم، وتحريضهم على حكومة بلادهم التي تطعمهم من جوع ولا تؤمنهم من خوف.
{ في هذا المناخ، قام النائب الثاني للرئيس “حسبو محمد عبد الواحد” بزيارة تفقدية للأوضاع بإقليم دارفور، شملت ولايتي غرب وجنوب دارفور.. ونقلت قناة (الشروق) تفاصيل الزيارة من معسكرات النازحين الفارين من قرى (سانية دليبة) وجنوب السكة الحديد، حيث اجتاحت المليشيات المسلحة وقوات التمرد تلك المناطق، وأفرزت واقعاً مأسوياً على الأرض، فيما أصبحت ولاية شمال دارفور يسيطر عليها ثلاثة رجال.. “مناوي” في الشرق، و”موسى هلال” في الغرب، و”كبر” على الفاشر وحدها.. ومشاهد زيارة النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” إلى معسكرات النازحين وتطييب خواطرهم والتوجيه بحل بعض مشكلاتهم العاجلة كتوفير مياه الشرب والغذاء والدواء، وإصدار قرارات بتأمين القرى بواسطة الشرطة والجيش حتى لا تتعرض مرة أخرى لهجمات المليشيات المتمردة على سلطان الدولة..
{ مشاهد الزيارة ووجود النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” في الميدان ومتابعته لقضايا المواطنين، تمثل منهجاً ظل مفقوداً في السنوات الماضية.. وحينما يغيب ظل السلطة المركزية تتفشى الفوضى.. والمراقب لأداء النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” منذ تعيينه قبل بضعة أشهر، يتوقف عند حماس الرجل وقدرته الفائقة على الحركة الدؤوبة وحيوية نشاطه السياسي، حيث زار نهر النيل والشمالية وسنار وجنوب كردفان وغرب كردفان، والآن جنوب دارفور وغربها!! وهو المطلوب من القيادة السياسية والتنفيذية في الدولة.. وقضية دارفور لو وجدت المتابعة والاهتمام المركزي والوجود الفعلي للقيادات على الأرض، لما بلغت ما بلغت وأصبحت مهدداً لوجود السودان كدولة.. و”حسبو محمد عبد الرحمن” بصغر سنه وقدرته على الحركة الواسعة وامتشاق الصعاب، يمثل إضافة حقيقية للجهاز السيادي وضخاً لدماء العطاء في جسد دولة كادت أن تشيخ وتهرم وتعتريها أمراض كبر السن.
{ لكن وجود وزراء الداخلية والدفاع ومدير جهاز الأمن بجوار نائب الرئيس في زياراته لبعض الولايات الملتهبة بالصراعات، يمثل ضرورة وواجباً وفرض عين، حتى تتخذ القرارات ميدانياً، وتتم معالجة أسباب التفلتات في حينها.. وينتظر من “حسبو محمد عبد الرحمن” التوجه إلى شمال دارفور وطي ملف الخلاف بين “كبر” و”هلال”، الذي بات أكبر مهدد لأمن دارفور، ولا يملك المركز رؤية واضحة ولا رغبة في حسمه، حتى بات المواطنون ضحايا لصراعات القيادات.. وما أحداث (سرف عمرة) إلا شاهد إثبات على ما نقوله.