رأي

عودة "روسيا" إلى المنطقة

} سافر المشير “عبد الفتاح السيسي” إلى “روسيا” في زيارة قبل توقيع بعض الاتفاقات لتسليح القوات المسلحة التي يبدو أنها في طريقها لقطع علائقها مع أمريكا.
} عادت “روسيا” إلى مصر بعد خروجها بقرار من السادات في إطار استعداداته لحرب أكتوبر 1973م. والروس هم غير الروس الذين كانوا في مصر من قبل، إذ لم تعد “روسيا” هي تلك الدولة العظمى التي تحقق التوازن مع “إسرائيل” التي اختارت “أمريكا” كحليف إستراتيجي. وقد كانت العلاقة مع “روسيا” علاقة تاجر سلاح بزبون، ولكن علاقة “إسرائيل” مع “أمريكا” كانت علاقة حليف إستراتيجي يتقاسم معه أحدث النظم الدفاعية. وكلنا يذكر أن “روسيا” منحت منظومة الدفاع الجوي، وكان الأحدث في العالم وتفوقت حتى على الأمريكية، لولا القرار الغبي من “السادات” بقطع العلاقات، إذ كان الذراع الجوي لمصر يستطيع إسقاط أية طائرة تحلق فوق الأجواء المصرية. واستطاعت مصر في أسبوع واحد إسقاط عشر طائرات (فانتوم) أمريكية استخدمتها “إسرائيل”. ولكن بعد القرار الغبي من “السادات” انفتحت الأجواء المصرية أمام سلاح الطيران الإسرائيلي ليسيطر على الأجواء ويحرم مصر من تفوقها، لأن المنظومة التي كانت بحوزة مصر لم تكن الأحدث لدى “روسيا”. والسبب أن “السادات” طرد الجنرال الروسي من مصر.
} الواضح أن “روسيا” تخلت عن شرط التواؤم في الأيديولوجيات الذي كانت تشترطه، ولم تعد تطلب من حلفائها السير في الطريق الاشتراكي بالتصور الروسي. وعلى هذا الأساس ستعود العلاقات مرة أخرى بين الدولتين، ولكن يبدو أن “السيسي” مصمم أن لا يترك نفسه وحيداً أمام الأمريكان، وأنه سيمضي إلى نهاية الشوط في التحالف معهم. ولن يكرر خطأ “السادات” بقطع العلاقات معهم حتى يرضى عنه الأمريكان، فمصر الآن أعادت توجيه بوصلتها السياسية باتجاه الشرق.
} ويعود نفس الرجل الذي كان خلف اتجاه “عبد الناصر” شرقاً ليقوم بنفس الدور أقصد “محمد حسنين هيكل”، إذ يقال أن “هيكل” عاد بقوة إلى المسرح السياسي مؤدياً دوره القديم كراعٍ للنظام، ولكنه هذه المرة في غياب “عبد الناصر”. وهذه المرة سيحدث تغيير كبير في السياسة التسليحية، إذ ستسلح “روسيا” مصر باعتبارها حليفاً استراتيجياً، ولن يكون هناك صدور لقرار انفعالي بطرد الخبراء الروس وما تبعه من تغيير في التسليح والتحالف، وهو الأمر الذي جعل من “إسرائيل” اللاعب الأساسي في الشرق الأوسط وأعاد مصر إلى الحظيرة الأمريكية.
} ولكن هل ستسكت أمريكا على ضياع أهم حليف لها في المنطقة؟ إن مصر ليست فقط زبوناً للسلاح الأمريكي، بل هي حليف يحمي ظهر “إسرائيل” منذ أن وقع “السادات” معاهدة السلام مع “إسرائيل”. “أمريكا” لن تتخلى بسهولة عن مصر، ولكن احتمالات العودة مرة أخرى تبدو أقرب إلى الاستحالة. ولا شك أن أمريكا ستحاول أن تثبت لنفسها أنها لا تساند الأنظمة غير الديمقراطية. الأجواء ستلتهب مرة أخرى في الشرق الأوسط.
> سؤال غير خبيث
فقدت مصر تفوق سلاحها الجوي خلال حرب أكتوبر 73 لأن الروس غضبوا لطردهم.. فهل يعود الوضع مرة أخرى لصالح مصر؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية