أخبار

للون (الفوشي)!!

اطلبوا مني في المنزل ذات مرة أن أحضر لهم مفارش للطاولات الصغيرة.. وأضافوا: لازم تكون باللون (الفوشي) وكنت أظنهم يمزحون.. لكن أحد أصدقائي الذي اصطحبني في هذه المهمة الرسمية ضحك في وجهي ووصفني بالجهل وقال: معقولة بس.. ما عارف اللون (الفوشي).. وعامل لي فيها صحفي.. لم أرد عليه فقد فاجأني بهذا الكلام وجعلني أتشكك في مخزون معلوماتي الصحفية إن لم أفقد الثقة في كوني صحفياً من الأساس.. ولكن لم يطل صمتي.. وشعرت أن صديقي هذا يبالغ كثيراً في معرفته الوثيقة باللون (الفوشي).. وقلت: يعني سيادتك عارف اللون ده كويس.. وأجابني: طبعاً. ده لون معروف وواضح جداً.. وقاطعته: يلا يا أبو الفهيم قول لي ده ياتو لون.. وهنا صمت صاحبي برهة ثم رمقني بنظرة تحدي وأجاب: اللون ده بين بين.. يعني حاجة في النص كده لا أخضر.. لا أزرق.. عشان كده سموهو (فوشي)..!. لم تكن إجابته مقنعه بالنسبة لي بل وجدتني معترضاً على حكاية البين بين هذه. وقلت: مافي حاجة اسمها بين بين.. (الفوشي) ده ياتو لون من الألوان.. جاوب بسرعة..!. ضحك صديقي مرة أخرى.. ولكن هذه المرة كانت ضحكته مفتعلة إلى حد كبير أما الذي قاله فلم يتعد كلمتين يلا السوق وحتشوفو..!. وفي السوق الذي كان مكتظاً بالناس والأشياء والألوان.. ظللت أسير خلف صاحبنا العارف بالألوان.. وقد أشفقت عليه وهو يطلب من البائعين المفارش ذات اللون (الفوشي).. حيث كان بعضهم ينفي وجودها أصلاً.. فيما ظل فريق آخر يعرض ألواناً متشابهات محاولاً إقناعنا بأنها اللون الذي نبحث عنه..!. كانوا يعرفونه بالطبع وأقصد اللون (الفوشي).. وربما عرضوا علينا مفارش بذات هذا اللون.. ولكن يبدو أن (الفوشي) نفسه درجات لونية مختلفة.. فكان صاحبي يسألني عاوزنو فوشي فاتح ولا غامق؟! وكنت أقول له: أنت متأكد أولاً أنو ده (فوشي) مش حاجة تانية ولا عندك عمى ألوان زيي.. وكان هذا الصديق الودود يتحدث بثقة عن معرفته بل وعشقه لـ(الفوشي) غير أن نهاية المطاف أوصلتنا إلى تاجر خبير بنسبة (100%) في الألوان حسب شهادة التجار الذين حوله.. وكانت المفاجأة، أن اللون (الفوشي) ليس هو اللون الذي كان يعنيه صديقي وأنه لا يقع في منطقة وسطى بين الأخضر والأزرق وإنما هو أقرب للأحمر والوردي الأمر الذي جعله يبدي اندهاشه معترفاً بأنه خلط بينه وبين لون آخر، لا أذكر إن كان (التركواز) أو حتى لون زينب..!. عدنا بـ(الفوشي) إلى المنزل.. وكانت في انتظاري مفاجأة أُخرى، وقد أعلنت صغيرة الدار وبكل فصاحة أن هذا ليس المقصود.. وأضافت: لكين ما بالغت ده ما (فوشي).. ولا بيجي بي جنبو!! ولأول مرة منذ أن بدأ مسلسل (الفوشي) تنتابني زعلة تبعتها بصرخة: ده البعرفو.. والليقيتو .. وكان ما عاجبكم أرموهو البحر وأشترو غيرو..!. ورغم أنهم مارسوا بعض الضحك البريء في الهواء الطلق والكثير من الشفقة على (الحوامة) في السوق، فإن صدمة صديقي الذي كان ينتظرني في السيارة كانت أكبر.. وما أن أخبرته بأن اللون الذي أحضرناه هو غير المقصود إلا وغضب وقال: يا أخي بلا (فوشي).. بلا شوفي.. هو عليك الله ده ذاتو اسم ده.. هسه عليك الله هم عارفين سموهو كده ليه؟ وهنا قاطعته وكأنه سأل السؤال الذي تاه مني في زحمة السوق.. لماذا سُمي بـ(الفوشي).. وماذا يعني هذا الاسم؟! ومن لديه إجابة عليه الاتصال وتسلم الجائزة من أقرب تاجر غاوي ألوان وحاجات عجيبة زي دي..!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية