أخبار

كروت محروقة!

يبدو أن فصائل ما تسمى الجبهة الثورية تشعر بقدر من التخوف من مباحثات أديس أبابا ، ولم يعد خافياً أن بعضاً منها أحس بأنه كان مطية لقطاع الشمال الذي وظف عدداً من فصائل دارفور لصالح خياراته العسكرية باستحداث مسمى الجبهة التي لم يكن من الإمكان إدخالها ضمن توزيعات مراكز اللاعبين في تشكيلة المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي تحت مظلة قرار من مجلس الأمن اعترف فيها وخص الحكومة والقطاع وتجاهل الجبهة الثورية التي في مسمى آخر إنما هي فصائل دارفور التي حددت الدوحة مساراً لمفاوضاتها، وبالتالي فإنها غير معنية بما يجري الآن.
“ياسر عرمان” و”مالك عقار” و”الحلو” لم يكونوا في حقيقة الأمر يملكون ميدانياً أثراً عسكرياً مؤثراً فاستغفل بعضهم حركات مثل تحرير السودان بفرعيها (مني وعبد الواحد) وحركة العدل والمساواة للدخول من تخوم دارفور لإسناد الفعل العسكري لبقايا قوات الحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق فاتت عمليات أبوكرشولا وأم روابة وأبوزبد وكلها من واقع تفاصيل طريقة الهجوم ومخلفات المعارك إنما كانت أنشطة عسكرية لحركات دارفور والذي حدث أن قطاع الشمال كسب إعلامياً وأحدث زخماً في مقابل خسائر فادحة لتلك الحركات التي اكتسبت أعداء جدداً بعد أهل دارفور تمثلوا في أهل كردفان شمالها وجنوبها ثم امتد الأثر الآن إلى دولة الجنوب الوليدة التي لم يعد خافياً فيها أن حركات دارفور تقاتل لصالح بعض الأطراف فيها بولاية الوحدة.
“ياسر عرمان” يعلم يقينا أن جلوسه في منضدة التفاوض أمام البروفسور “غندور” إنما يتم وفق دائرة اختصاص لا مكان فيها لمقعد يسع تمثيل حقيقي أو مدعى بخلاف (المنطقتين) ولكنه – أي “عرمان” – وفي سبيل كسب الوقت والاحتفاظ ما استطاع يسعى لإيهام حلفائه في الجبهة الثورية أنه يجلس لمناقشة كل القضايا وهذا أمر صعب التحقق بالصيغة التي يطرحها المتمردون أمام الحكومة السودانية في مفاوضات “أديس أبابا” وحتى الوسطاء هناك لا يمكن إقناعهم بأي مبررات في هذا الاتجاه ومن ثم فالحقيقة التي يجب مواجهتها أن حركات دارفور إنما استغلت وكانت (مغفل) عريض المنكبين والعارضة استخدمت كبنادق مستاجرة تحت ظلال شعارات براقة حان الوقت لطي راياتها.
الحركة الشعبية استفادت من سابق تكتيكها في الإفادة من القوى الأخرى المعارضة للخرطوم ومثلما وظف “جون قرنق” قبل اتفاقية “نيفاشا” وبعدها المعارضة الشمالية المدنية لصالح مواقفه فقد تم الأمر عينه مع حركات التمرد بدارفور وبقدر فيه تكاليف أكبر فداحة من التوظيف السابق وفي الحالين فإن (الكرت البايظ) الذي ترميه الشعبية يدرك عدم جدوى فعاليته في الشوط الأخير من سباق الحلول عادة.
وقد حان لكي تتجه تلك الحركات المسلحة أن رغبت في التسوية والسلام إلى الوجهة الصحيحة عبر الوساطة القطرية ولهذا أعتقد أن على الحكومة السودانية والوسطاء في ملف دارفور بالدوحة اغتنام السانحة والإعلان عن دعوة جديدة لمفاوضات استكمالية قد تجد استجابة من مجموعة “مني أركوي” و”جبريل إبراهيم” على الأقل فيما سيظل “عبد الواحد محمد نور” كعادته مشاتراً وخارج نطاق الوعي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية