صدر تحت توقيعي!
هي صناعة ثقيلة جداً.. وتحتاج إلى مؤسسية وإسناد ضخم من جهات ضليعة.. فليس من السهل مثلاً استصدار قرار يتصل بمصير دولة أو أمة.. وليس من اليسير إعلان قرار يمس حياة المواطنين ويتعلق بمعاشهم اليومي!.
قبل القرار لابد من إحصاء واستقصاء ولابد من منهجية وإستراتيجية تعزز هذا القرار، وترسخه وقبل ذلك تجعله موضوعياً ومنطقياً.
القرارات لابد أن تكون إيجابية ولها مردود يضيف ولا يخصم.. ولذلك إخضاع القرارات للشورى والتصويت أو على الأقل الاستئناس بالرؤية الجماعية لا الفردية، يضمن صحة القرار وصواب النتائج المتمخضة عنه.
وكل إنسان في هذه الحياة يملك حق استصدار القرارات الخاصة به لأنه يتحمل نتائجها وتبعاتها.. لكن القرارات التي تتصل بالمحكومين فإن الحاكمين هم الذين يصدرونها.
باختلاف مواقع المسؤولين تتعدد جهات إصدار القرار.. وهناك مسؤولون مولعون باستصدار القرارات المتعجلة التي سرعان ما يعيدون النظر فيها فيصدرون قرارات جديدة بإلغائها.
ومسلسل (القرار) يختلف من مسؤول لآخر.. فهنالك وزراء مثلاً يجلسون سنوات طويلة على كراسيهم الوثيرة دون أن يستصدروا قراراً واحداً مكتفين بالسير على خطى القرارات السابقة. وفي مقابل هؤلاء فإن أبسط شيء عند بعض الوزراء هو إصدار القرار.. وتدشينه في الصفحات الأولى للصحف اليومية ونشرات الأخبار المتلفزة.
والعبرة ليست بكم القرارات وإنما بنتائجها والمردود منها.. حيث لا معنى لقرارات لا تحدث تحولات حقيقية في حياة الناس، ولا فائدة من قرارات لمجرد توهم المسؤولية والتمتع بحق إصدار القرارات.
إن القرار الخاطيء حين يستقيم المنطق يعجل برحيل المسؤول ويكلفه الكرسي الذي يجلس عليه، ولكن الدول حديثة العهد بالديمقراطية لا تفعل ذلك ولا تجرؤ على محاكمة المسؤولين الذين يصدرون القرارات الخاطئة.
ولا تنصحهم بضرورة اعتماد مراكز لصنع القرار تضمن لهم السير الآمن.
ولأن معظم دول العالم الثالث لا تملك )قوتها( فهي في الواقع لا تملك قرارها، ومن ثم فالقصة لا تخرج عن كونها مجرد وقار حكومي لتفريغ قرارات صغيرة معظمها يقوم على الشطارة في ملء خزينة الدول بالرسوم والجبايات والضرائب.
القرارات في العالم الثالث معظمها ينحاز للعكننة وإشعار المواطن بأنه لا يسوى شيئاً وأن عليه أن يتذكر كل يوم بأن هناك مسؤولين عنه يصدرون في وجهه القرارات ولا ينتظرون منه إبداء الرفض أو الموافقة.. حيث لا يهم أن يضرب رأسه بالحيط أو يشرب من البحر.!!