أهالي بورتسودان يتغزلون في جمال وسحر مدينتهم ويراهنون على تفوقها
شهدت ولاية البحر الأحمر في السنوات الأخيرة طفرة تنموية كبيرة في مجالات عدة، الأمر الذي سلط عليها الأضواء، لا سيما في قطاع السياحة، حتى صارت الولاية الأولى في السياحة بفضل موقعها الإستراتيجي كبوابة تطل على البحر الأحمر.. لكن في المقابل تواجه الولاية بعض التحديات ونقاط الضعف في جوانب شح المياه النقية للشرب والري وانتشار أشجار (المسكيت) في المشاريع الزراعية، وتوقف الإنتاج من المصانع، والهجرة إلى المدن وهجر قطاعات الإنتاج التقليدية.
} تزايد عدد النازحين
وفي استطلاع لـ (المجهر) مع مواطني بورتسودان، أبدى عدد منهم إعجابه الشديد بمدينته، حيث عدّها الشاب “محمد سلطان إدريس” أجمل وأرقى مدن السودان بما تتميز به من نظافة وحيوية وتنمية عمرانية منسقة، ووافقه “مروان هاشم” مؤكداً أن بورتسودان تطورت بصورة مفاجئة في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أنها الآن من أكثر مدن الولاية جذباً للزوار، كما شهدت عودة طوعية للأسر.
وتشير تقارير رسمية أصدرتها حكومة الولاية إلى تأثر سكانها نتيجة الحروب والجفاف في السنوات الماضية، وقد بلغت نسبة النازحين في الولاية (15.5%)، ونتيجة لذلك ظهرت ونشأت أحياء جديدة في (12) موقعاً في مدن الولاية معظمها حول مدينة بورتسودان، وتعاني هذه الأحياء من نقص في الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ومياه وطرق، كما أنها شكلت ضغطاً كبيراً على الخدمات الموجودة أصلاً في الأحياء القديمة، وتسبب النزوح نتيجة الجفاف والحرب في زيادة نسبة العطالة، وتسبب تحديث عمليات الشحن والتفريغ في فقدان حوالي (2000) عامل وظائفهم، كما أدى توقف الكثير من المصانع إلى فقدان (2496) عاملاً مصادر دخلهم.
وتواجه الولاية بعض المشاكل في مجال التغذية مرتبطة بنمط استهلاك الغذاء، وقد أدت سنوات الجفاف المتعاقبة إلى فقدان أسر حيواناتها التي كانت تعتمد عليها في الغذاء، إضافة إلى بعد الكثير من مناطق الريف عن الأسواق.. ولمواجهة ذلك النقص، اتجهت حكومة الولاية إلى تطبيق برنامج (الغذاء مقابل التعليم) بعد ازدياد التسرب المدرسي بسبب الجوع.
} خطة لزيادة التغطية الصحية
وفي مجال التعليم، بذلت حكومة الولاية جهداً كبيراً لتحسين البيئة المدرسية ببناء فصول وتوفير الإجلاس والتغذية المدرسية وتشجيع الأسر لزيادة الإقبال على التعليم، واتجهت الولاية إلى العمل على أن تصل نسبة الاستيعاب للأطفال في سن التعليم (100%)، مع القضاء على مشكلة الفاقد التربوي للسنوات السابقة بتوفير الاستيعاب في مدارس اليافعين.
وحسب الإحصاءات الرسمية بالولاية فقد بلغ معدل الاستيعاب الظاهري للجنسين بمرحلة الأساس للفئة العمرية (6 – 13) سنة نسبة (61,7%) للجنسين و(64%) للبنات و(59.3%) للبنات.
وتقول حكومة الولاية إنها تسعى لزيادة التغطية بالخدمات الصحية لتصل إلى المقاييس العالمية، خاصة في ما يتصل بعدد الأطباء والاختصاصيين وعدد السكان للمستشفيات، مما يتطلب اهتماماً بتوفير الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي.
} معاناة توفير مياه الشرب
وتعاني معظم مدن الولاية من عدم توفر مياه الشرب، وبلغت الفجوة الحالية لمياه الشرب النقية بالولاية (46%)، ما أدى إلى مسارعة حكومة الولاية بتبني خطة تهدف إلى حل الأزمة، حيث أن الفارق حالياً بين ما هو مطلوب كحد أدنى من مياه الشرب وما هو منتج (46%)، وتهدف الخطة إلى تقليل هذا الفارق خلال خمس سنوات تشملها الخطة ليصبح (26%).
وللولاية أيضاً تجربة فريدة في محاربة ظاهرة التشرد والأمن الاجتماعي، حيث قامت باستيعاب كل المشردين كعمال في هيئة نظافة البحر الأحمر، مما ساهم في استتباب الأمن واختفاء ظاهرة السرقات.
وتصنف الولاية بأنها من أنجح تجارب الحكم اللا مركزي في السودان، إذ استطاع واليها “محمد طاهر أيلا” تطبيق الحكم الرشيد، وجعله واقعاً عملياً يتضمن عناصر أساسية تمثلت في التركيز على الإنسان، والإنصاف والعدل، والتسيير الفعال للأعمال العمومية، وهذا ما أجبر عدداً من قيادات الدولة وزوار الولاية من الضيوف أن يتغزلوا في تجربة البحر الأحمر.