أخبار

مذكرة تفسيرية

طرح السيد رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” خطابه المنتظر، وقدم رؤيته وورقة المؤتمر الوطني لمطلوبات المرحلة المقبلة. وسيجد الخطاب وهذا يحدث الآن تداولاً عريضاً. وصحيح أن حالة الترقب وما أحيط بالإعلان عنه من قصص منتحلة أو مصنوعة، قد رفع سقوفات التوقعات -كما قلنا هنا وهذا ضار وغير مفيد – مما أحاط لحظة الإعلان بدرجة عالية (جداً) من انتظار الخواتيم الإجرائية، لكن الخطاب أتى بما يمكن تسميته تأسيسات نظرية للمرحلة تستحق سريعاً أن تسند عبر توضيحات أخرى بمذكرة تفسيرية، للآليات والمواقيت المحددة للنفاذ بمعاني الخطاب إلى حالة عملية تنقله من النظري إلى البيان المشاهد في الساحة السياسية والاقتصادية، بتحديات لسلام وهموم معاش الناس وهي مشاكل شاخصة ومعلومة.
إلى أن يحدث ذلك سيكون الخطاب نفسه لغة ومعاني ومشاهدات تحت دائرة العرض. وأفضل طريقة للتعامل مع هذا التكثيف الإعلامي عليه   الصبر على نقده، وأن يحتمل المؤتمر الوطني ذلك في المدونات والصحف فهذا قد يفكك بعض معانيه ويفسرها، وأيما محاولة لتسويقه هكذا ستكون مرهقة، لأنه حدد إطاراً مفاهيمياً عاماً ولم يقرر ويقطع بإجراءات. وهذا مفهوم ربما لطبيعة المسافات بين القوى السياسية في البلاد، ولا يمكن منطقاً أن يأتي المؤتمر الوطني ويطرح إجراءات قد لا يكملها الجانب الآخر بالموافقة، مما يتطلب بالضرورة تواصلاً وحواراً واتفاقات محددة التكاليف والتدابير مجمع عليها.
عملياً تبدو عملية بدء المفاوضات مع متمردي قطاع الشمال التي تبدأ بعد نحو أسبوع اختباراً أولياً ومبكراً لاتجاهات المرحلة الجديدة، وسيكون مطلوباً التعامل أولاً مع تعسف القطاع نفسه الذي كان أول المهاجمين لخطاب (الوثبة)، وأفرط في نقده ومهاجمته بلغة مستفزة وجارحة، مما يعني أن “ياسر عرمان” وجماعته سيدخلون” أديس أبابا” وهم أشد تطرفاً مما سبق، رغم أن تغييرات سياسية وميدانية كثيرة تتطلب منهم موقفاً مغايرا،ً فهم عسكرياً في أضعف حالاتهم ويعانون من حالة شتات إذ انقسموا إزاء ما يجري بالجنوب بين جناحي “سلفاكير” و”رياك مشار” ولهذا تبعاته قطعا. ورغم كل سيكون مفيداً لو الخرطوم دخلت هذه الجولة بكل مظاهر الجدية وهي تحمل باقة حوافز ومحفزات (من قولة تيت)، كما أن هذا يلزمها بالنظر في وفدها المفاوض وأحبذ استمرار البروفسور “غندور” في هذا التكليف، فهذا يعطي إشارة أن الحكومة تفاوض بلاعب من قائمة الأساسيين.
المؤتمر الوطني وأحزاب المعارضة التي ظهرت في المناسبة بحاجة إلى عمل مشترك يحيل كامل النص الرئاسي إلى مشروعات ينتظرها الرأي العام، والذي اشترك الجميع حكومة ومعارضة في توسيع دائرة عينيه بحملة تشويق وإثارة لم يكن من داع لها، وبالتالي فإني أخشى من ردة فعل تصرف الشعب جملة عن كامل هذا التعاطي. وهذا سيحدث حتماً في حال وقوع تأخير وإرجاء للمشاورات الحزبية المشتركة المؤسسة لتفاهمات المرحلة المقبلة ولهذا فإن خير البر عاجله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية