أخبار

ما يطلبه المراقبون

هل كان مطلوباً من رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني تأسيس إطار مفاهيمي وقواعد بناء على أرضية جامعة لاتفاق سياسي ينهي دورة العنف والإقصاء التي خيمت على سماء بلادنا منذ 1956م، حينما خرج المستعمر الإنجليزي طوعاً.
وضع الرئيس “عمر البشير” فلسفة المرحلة المقبلة وثوباً محسوباً لكل القوى السياسية للتراضي على القبول المتبادل والحوار المفضي لرسم خارطة طريق لا يتولى المؤتمر الوطني وحده ترسيم معالمها كما يشتهي بعض المراقبون. وقد تبدى إحباط بعض الذين انتظروا الأوهام في قارعة الطريق وخيل إليهم أن ما في مخيلتهم ما هي إلا ساعات ويصبح حقائق ينثرها الرئيس في بساط وردي وتتلقفها أبواق الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي ليصبح السودان بين عشية (الاثنين) وصباح (الثلاثاء) بوجه زائف غير وجه الحقيقة التي تجلت بأن إرادة التغيير غالبة وأن مفردات خطاب الرئيس وإن بدت عصية الاستيعاب لعامة الناس إلا أن طبيعة القضايا التي طرحت تستوجب التعميم دون الإفصاح حتى لا يغدو الحوار المرتقب مع القوى السياسية كأنه قد بلغ نهاياته.
وأهم قضية جوهرية في خطاب الرئيس عشية (الاثنين) هي السلام الذي يستوجب حواراً عميقاً مع الآخرين فالقوى السياسية التي أبدت مرونة في مواقفها وأقبلت على دعوة المؤتمر الوطني بقلب مفتوح ممثلة في حزبي الأمة القومي والمؤتمر الشعبي لهما آراء ومواقف ورؤى وأفكار كيف يتحقق السلام ومع من؟ واستيعاب رؤى تلك الأحزاب وإشراكها في قضية السلام يقتضي إعمال حوار داخلي مع تلك القوى السياسية إضافة للأحزاب التي تشارك في الحكومة الحالية للاتفاق على رؤية سياسية موحدة يتم طرحها للقوى التي تحمل السلاح من المعارضة.. وربما استدرك المؤتمر الوطني خطأ ثنائية نيفاشا لقومية الحل القادم لمشاكل النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور فالاتفاقيات الثنائية أثبتت الأيام فشلها وقد اعترف الرئيس في خطابه بذلك في مقدمته قبل أن يحدد الأولويات الأربع.. وأن يضع “البشير” السلام كأولوية أولى فإن ذلك يشي برغبة حقيقية لمعالجة قضايا الحريات والأوضاع الاقتصادية.. في ظل الحرب تسود القوانين الاستثنائية وتشدد الدولة أي دولة من قبضتها الأمنية و(تعلق) العمل ببعض بنود الدستور بإعلان الطوارئ جزئياً أو كلياً.. وكل الانتخابات التي جرت في السودان باستثناء الانتخابات الأخيرة (منقوصة) بسبب التوترات الأمنية في الجنوب سابقاً وبعض أطراف الشمال.
وفي ظل الحرب يبدو متعثراً إجراء انتخابات حرة ونزيهة.. لذلك وضع الرئيس في خطابه السلام كأولوية، ولكن بالتوافق السياسي أولاً بإشراك الجميع في شأن لا يقتصر على المؤتمر الوطني وحده بقدر ما هو شأن عام لكل القوى السياسية!!
والذي جاء بالإمام السيد “الصادق المهدي” والشيخ “حسن الترابي” لقاعة الصداقة والجلوس في المقاعد الأمامية وإنزالهم من قبل السلطة مرتبة الزعماء الوطنيين لهي خطوة لها ما بعدها في سياق البحث عن اتفاق حول القضايا التي طرحها “البشير” وفي مقدمتها قضية السلام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية