الـخلافات الأسريّة .. تراجيديا النار والهشيم!!
} من أهم مهددات الصحة والسلامة النفسية، الخلافات الأسرية والزوجية، حيث أثبتت الدراسات أن من أكثر الناس عرضة للأمراض والاضطرابات النفسية هم أولئك الذين عانوا أو يعانون من هذا الإشكال.
} وتتفرع أسباب الخلافات الزوجية داخل الأسرة إلى أسباب داخلية وخارجية، وأسباب ناشئة ومكتسبة، وأسباب خاصة بأحد الزوجين أو كلاهما أو المجتمع أو الأسرة الممتدة أو الكبيرة. ويمكن إجمال تلك العوامل في طبيعة اختيار شريك الحياة منذ البداية، فقد يكون الزواج قسرياً أو تم كرهاً أو بناء على إرضاء رغبات الأهل، أو إذا كان الزواج في ظروف غير عادية أو بناء على معلومات غير صحيحة عن أحد الطرفين، وكما يقولون فإن كل ما بني على باطل فهو باطل!!
} وعلى نفس الصعيد، نجد ضغوط الحياة المادية والمعيشية التي تزيد من معدلات التوتر والانفعال والثورة وزيادة
وتيرة الخلافات لأتفه الأسباب، ورد الفعل العنيف والمبالغ فيه نتيجة لهذا الضغط وعدم الرضا المعيشي أو الوظيفي. وكذلك الإرهاق الجسدي والتعب الذهني، وقلة ساعات النوم والراحة والترفيه والترويح مما يؤدي إلى نتائج كارثية وما أكثرها.
} وأيضاً يبرز هنا فقدان التناغم الزواجي وفتور العلاقة، أو إنشاء علاقات خارج مؤسسة الزواج، التي أصبح بابها موارباً هذه الأيام مما يزيد الطين بلة!!
} وهنا نذكر دور الأهل السلبي في افتعال المشكلات وإذكاء أوار الخلافات، والقيام بمساندة طرف دون الآخر، ووضع العراقيل أمام المصالحات بدافع التشفي أو الحسد أو الحقد أو لنزعات شخصية يدفع ثمنها الزوجان والأبناء دون ذنب جنوه وكأن لسان حالهم يقول:
هــذا جـناه أبي عليّ
وما جنيت على أحد
} ومن أسباب الخلافات أيضاً، التشابك الاجتماعي والفروقات العرقية والمذهبية، والفارق التعليمي، وعدم وجود رابط بين الزوجين خلاف سرير الزوجية، بسبب التنافر وعدم وجود لغة خطاب مشتركة أو جامع آخر، مما يعمق المسافة ويباعد الشقة بينهما.
} وعدم الإنجاب له أيضاً دور مهم في الشعور بالإحباط والاكتئاب النفسي و(النرفزة)، وما يتبع ذلك من مشاحنات، ورغبة في الزواج بأخرى، وهذه الرغبة أو القيام بها فعلاً تؤزم المشكلة، ما لم يتم توافق عليها وتمهيد لها بدبلوماسية يفتقدها الكثيرون.
} وتطل المواد المخدرة برأسها كواحدة من أهم بؤر النزاعات الزواجية، ابتداءً من السجائر والتمباك وانتهاء بالكحول
و(البنقو)، حيث تكون الشجارات حول الموضوع أو تحت تأثيره، وقد تصل إلى مراحل قاتله أحياناً.
} ومن الأشياء المسكوت عنها في أسباب هذه الخلافات، يبرز عدم الرضا الجنسي وعدم الإشباع الجسدي نتيجة العجز والبرود الجنسي أو القذف المبكر أو فقدان القدرة على الوصول بالطرف الآخر لمرحلة الإرضاء.
} وفي نفس السياق، نجد أن العنف اللفظي والبدني وعدم الاهتمام بالآخر ولا بالمظهر، كلها تلعب دوراً مهماً في تأجيج الصراعات والخلافات.
} وعن كيفية المعالجة، نجد أنها تتمثل في الاعتراف بالمشكلة ومن ثم الحل الودي، وإذا تعذر ذلك اللجوء إلى مراكز الدعم النفسي والاجتماعي من أجل الإرشاد الزواجي والتعليم الأسري وعلاج الزوجين، وكذلك معالجة أية تشوهات نفسية أو اجتماعية أخرى.
} تجدر الإشارة إلى وجوب إبعاد الأطفال عن تلك النزاعات، وعدم إقحامهم فيها كأوراق ضغط ومساومة، لما في ذلك من تأثير نفسي سالب وضار بالأطفال، وهذا يشير إلى ضرورة التحلي بأقصى درجات ضبط النفس حفاظاً على أجيال المستقبل من الضياع، وعلى نسيج الأسرة من التهتك والاضمحلال.