أخبار

قالوا ترجل!!

} الغضبة المُُضََرية لنواب المؤتمر الوطني في البرلمان على رئيس الهيئة النيابية السيد “مهدي إبراهيم” تجسد حالة اللهفة الشديدة على المواقع القيادية في البرلمان ممثلة في رؤساء اللجان ونوابهم، حيث هرع قيادات البرلمان إلى المواقع، يتنافسون بشرف وبغيره لنيل المنى والمطايا من الفارهات والأسفار والحوافز والرواتب التي تضاهي وتماثل رواتب الوزراء ووزراء الدولة. وغضب نواب البرلمان جسدته تصريحات العضو “مهدي عبد الرحمن أكرت” الذي طالب بإقالة “مهدي إبراهيم” من الهيئة النيابية بدعوى فشله في إدارة الهيئة بميله لنواب وآخرين.. كل ذلك بعد إعلان أسماء رؤساء اللجان، وحق للنواب الغضب إذا كان الشعار القديم (هي لله لا للسلطة ولا للجاه) قد فقد مصداقيته وأصبح التدافع بالمناكب على المغانم يطغى على الزهد والعفة عند المغنم، وواقعياً وعملياً من يسعى للسلطة هو الذي يؤسس الأحزاب ويصدر الصحف ويفتح دور حزبه للجماهير ويعقد المؤتمرات، ولكن الذين لا يهرعون للسلطة حقاً هم أولئك القائمون ليلاً في مسيد الشيخ “برير” ومسيد الشيخ “الشايقي” ورجال “أم دم حاج أحمد” وزريبة “البرعي” والصائمون في “كدباس”.. ولكن الساهرين في الاجتماعات القائمين في الليالي السياسية هم الذين يعملون للدنيا وللآخرة يجهلون.. تراهم إلى لجان البرلمان يسارعون وإلى الوزارات يعشقون وللولايات يختصمون وهم بزخرف الدنيا ونعيمها فرحون!!
} ما كان لمهدي إبراهيم الانتظار حتى يطالب النواب بذهابه عن منصب الهيئة النيابية لنواب المؤتمر الوطني، وهو منصب شديد التواضع لا يليق بك يا “مهدي إبراهيم” الذي عرفتك الجزيرة أبا ومنابر الخطابة في ليالي الجبهة الإسلامية الطويلة. أين رفاقك من زملاء الأمس، أين أندادك في الحركة الإسلامية؟! غيب الموت من غيب وطوى النسيان آخرين وترجل طوعاً واختياراً “علي عثمان” و”نافع” و”الحاج آدم يوسف”، وكلهم أصغر منك سناً وربما أقل منك كسباً في درب الجهاد الطويل.. ولكنك لا تزال تتشبث بكراسي السلطة والحكم وتمني نفسك ربما بالوزارة أو أي شيء، فلماذا لا تترجل طوعاً وتنال قسطاً من الراحة في ظل ممدود حتى لا يتطاول عليك صغار النواب ممن علمتهم الخطابة والقتال، وأصبحوا اليوم يرمونك بوابل من ألسنة حداد!!
} أين “موسى حسين ضرار” و”محمد محمد صادق الكاروري” و”أحمد عبد الرحمن محمد” و”عبد الرحيم أبو الغيث” و”إبراهيم السنوسي” من دائرة الفعل السياسي اليومي، بل أين آخرون من جيل جاء بعد هؤلاء؟! فلماذا يتشبث “مهدي إبراهيم” وحده بالمواقع حتى يثور في وجهه النواب ويطالبون بإزاحته من منصب شرفي تحت رئاسة البرلمان التي تسنمها شاب فرق السنوات بينه و”مهدي إبراهيم” مثل فارق العمر بين الشاعر الراحل “مصطفى سند” وإحدى حسناوات أم درمان.. ليقول فيها (بيني وبينك قصة السفر الطويل من الربيع إلى الخريف)؟
} إن ما يحدث في البرلمان من احتجاجات مبررة من قبل النواب لا ينبغي النظر إليها بسلبية.. فالبرلمان ساحة للتدافع الإيجابي، ولا ينبغي للمؤتمر الوطني أن يفرض وصاياه على البرلمان بحجة أن النواب جاء بهم الحزب ولم تأت بهم قدراتهم الشخصية!! النواب جاءت بهم الجماهير وكثير منهم حملوا الحزب على أكتافهم ولم يحملهم الحزب كما يدعي البعض.. وترشيح المؤتمر الوطني وتزكيته للفرد لا ينبغي استخدامها كسلاح لتدجين النواب وسلب إرادتهم، وإقالة “مهدي” أو ترجله هو طوعاً خطوة نحو تصحيح المسار كما قال د. “الفاتح عز الدين”.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية