الأزمة (المنكورة)!!
اختارت الحكومة منهج إنكار وجود أزمة في الجازولين والبنزين في وقت شهدت فيه العاصمة الخرطوم أمسية (الاثنين) وحتى صباح أمس شحاً في وقود السيارات وتطاولت الصفوف في محطات الخدمة، بينما أغلقت بعض محطات الوقود منافذ توزيعها ولم تعتذر لجمهورها أو حتى تقدم تفسيراً لأسباب توقف خدماتها.. ونفت وزارة النفط كعادتها وجود شح في الوقود بينما المواطنون يعانون، والمواصلات العامة توقفت من جراء نقص الوقود ورمت وزارة النفط قصورها في الشركات العاملة في مجال توزيع الوقود، وقالت إنها تعاني من مشاكل إدارية.
وذات الحديث الذي يمثل الأزمة للشركات يتكرر بشأن أزمة الخبز الحادة والغاز، فقد أصبحت كل ضروريات الحياة معدومة وكثر حديث المسؤولين في وزارة النفط عن المشاكل الإدارية دون إفصاح عن طبيعة هذه المشاكل التي تحيط بوزارة النفط التي كان يقودها وزير واحد د.”عوض الجاز” والآن يقودها ثلاثة وزراء دولة إضافة للوزير “مكاوي” وإنتاج السودان من البترول لا يتجاوز الـ(135) ألف برميل، بينما دولاً مثل السعودية تنتج أكثر من (8) ملايين برميل في اليوم ولا يقود وزارة نفطها إلا وزير واحد يؤدي واجبه بكفاءة واقتدار، والسودان يقود وزارة نفطه جيش جرار من الوزراء ووزراء الظل العاكفون حول البناية القديمة وليتهم يمتلكون الشجاعة ويحترمون الشعب الذي يفترض أن يأتي بالوزراء ويقولون الحقائق عارية بلا تجميل أو هروب من الحقيقة.
هل هناك أيدٍ داخل الإنقاذ تعبث بمصالح المواطنين؟ أم هناك من يسعى لإثارة الشارع حتى يخرج في تظاهرات جديدة بسبب نقص الخبز والوقود؟ إذا كانت النساء في البيوت ينتظرن الأزواج حتى عودتهم بالرغيف؟.
فإن مسؤولاً في ولاية الخرطوم المهندس “صديق علي الشيخ” نائب الوالي قال في تصريحات صحافية شجاعة قال إن أزمة البنزين سببها نقص في الكميات التي كانت تستهلكها ولاية الخرطوم المقدرة بنحو (2) ألف و(400) طن في اليوم والتي تناقصت إلى النصف بسبب عطل في المصفاة!! فهل وزير النفط السيد المهندس “مكاوي” لا يعلم عن عطل المصفاة؟ وإذا كان يعلم ذلك فالأحرى به مواجهة الشعب بالحقائق بدلاً عن دفن الرؤوس في رماد الصمت الذي يجعل الدولة في موضع المشكوك في مصداقيته عند المواطنين.. وبينما صمتت وزارة التجارة عن أزمة الخبز التي تعيشها الولاية واختار الوزير “عثمان عمر الشريف” البحث عن سبيل يبقيه في كرسي الحكم للفترة القادمة، وبات يطوف حول دار أبو جلابية في بحري كطواف الحجاج حول الكعبة المشرفة، ووزير الدولة الجديد لم يصدق حتى اللحظة أنه أصبح الرجل الثاني في أهم وزارة اقتصادية في البلاد.. أفصح “صديق الشيخ” عن أسباب أزمة الخبز قائلاً إن إحدى شركات الدقيق توقفت عن توزيع الكمية المحددة بعشرة آلاف طن لعدم وصول شحنة من القمح لميناء بورتسودان وتبرير “صديق الشيخ” يمثل من وجهة أخرى إدانة لمنهج الحكومة في احتكار توزيع الدقيق لعدد محدود جداً من الشركات المحظية بالرعاية في كنف الجهاز التنفيذي حيث يستثمر بعض رجال الأعمال المقربين من الوزراء في قوت الشعب السوداني ويخنقونه جوعاً وقت ما شاءوا ويضغطون على المالية لتذعن لمطالبهم حيثما أرادوا.
والأزمة ليست في نقص الدقيق ولا شح البنزين ولكنها أزمة إدارة أزمة وعدم إحساس بالمسؤولية ومحاولة إنكار ما هو معلوم بالضرورة تحت بصر الشعب المسكين!!