رأي

تنشيط لجان الأحزاب

قال الحزب الاتحادي الأصل إنه سيعلن عن ترتيبات لخوض الانتخابات المقبلة. وناشد الحزب حملة السلاح الاحتكام إلى صوت العقل. هذا الخبر أسعدني للغاية وسط الكم من الأخبار المحبطة. أسعدني لأنه يؤكد أن الأحزاب ستنزل إلى قواعدها وتنشط لجانها وتعود إلى العمل الحقيقي بين الجماهير. هذا التنشيط الذي لم يمارس منذ عدة سنوات، أي منذ آخر انتخابات في عهد التعددية، وهذه العودة تؤكد عودة العافية إلى العمل السياسي.
لقد عشنا فترة طويلة في ظل نشاط الأحزاب في الليالي السياسية، وكنا نتابع بإعجاب هجوم بعض السياسيين على آخرين دون خوف، وقيام الآخرين بالرد عليهم، لتتناقل الصحف والمجالس تعليق بعضهم في إعجاب من بلاغة الوصف والتشبيه دون أن نحس أنه يهدر كلمة الذي هوجم. هكذا كانت الليالي السياسية كما شهدناها منذ الطفولة فلماذا لا تعود تلك الأيام؟
هل لأن الأحزاب أصبحت ضامنة لنصيبها في السلطة، الذي لا ينازعها فيه أحد؟
برز الشيخ “علي عبد الرحمن” كناقد لحزب الأمة في الليالي السياسية، لتتناقل الصحف سخريته من حزب الأمة، ويقوم حزب الأمة بالرد على هجومه بنفس القوة، دون أن يؤثر ذلك على العلاقة بين السياسيين لأنهم اعتادوا على هذا الهجوم.
العودة إلى تلك الأيام لا تعني مطلقاً العودة إلى الصراعات، ولكنها تعني أن السياسة عندنا عادت إلى لغة الحوار بدل السلاح.. وأن الأحزاب تعيد تربية كوادرها على الأدب الذي ساد منذ خمسين عاماً لأنه هو الذي حفظ هذا السودان من الحروب والدعوات العنصرية. وأتمنى عودة الحياة إلى صحف الأحزاب وأن يسمح لها بممارسة أي درجة من نقد الآخرين طالما أن هذا النقد لا يحرض على العنف أو ينادي باتخاذ وسائل غير ديمقراطية.
من السياسيين الذين لمعوا في تلك الندوات السياسية “نصر الدين السيد” و”يحيى الفضلي”، وكلاهما كان مدرسة في الصراع الفكري وله معجبون يشترون الصحف التي تنشر تصريحاته بانتظام. ورغم الهجوم القاسي أحياناً إلا أننا لم نسمع عن استخدام العنف ولم نسمع أن أنصار هذا الحزب قد استخدموا الهراوات لتفريق جماهير ذلك الحزب، فهم يعرفون أن قياداتهم سترد على هذا الهجوم في الوقت المناسب.
أقول هذا الكم أملاً أن تكون عودة الاتحاديين لتنظيم لجانهم استعداداً للانتخابات تحتوي على هذه المعاني التي ذكرنا.
وأذكر الأجيال الجديدة أن الدعوات العنصرية والقبلية لم تظهر في السودان إلا عندما منعنا هذا النشاط، ولا أقصد منعناه بقانون بل إن الأحزاب أصبحت راضية بنصيبها في السلطة ولا تعمل على تكبيره، راضية بما قسم لها، فلا “الصادق المهدي” يحاول تنشيط لجانه ولا “الميرغني” ينزل إلى قواعده ويعيد تحريكها. ونأمل أن تكون عودة إلى تلك الأيام.
> سؤال غير خبيث
لماذا لا تعود الصحف الحزبية؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية