ماذا تريد دارفور؟
إذا كان التمثيل في السلطة التنفيذية يحقق الرضا وسط المواطنين ويساهم في إدماج المجتمعات في الكيان القومي لتوقفت الحرب في دارفور وعادت إليها الطمأنينة والسكون!! ولو كانت للقيادات الدارفورية رؤية موحدة ماذا يريدون؟؟ وما المطلوب من المركز القيام به لتتوقف الحرب لصمتت البنادق منذ سنوات.. نالت دارفور في تشكيل الحكومة الحالية ما تستحقه من المناصب التنفيذية.. من نائب رئيس الجمهورية لوزراء العدل والصناعة والطرق والجسور والصحة والحكم الاتحادي ووزراء دولة في القصر والخارجية والسياحة والصناعة والمالية.. وسلطة انتقالية لا يحصى وزراؤها ولا يحيط بعددهم إلا د.”التجاني السيس”.. ورغم ذلك لا تزال الحرب مشتعلة والموت يحصد المواطنين وانتقلت الحركات المسلحة من أقصى شمال دارفور إلى الجنوب وشرق دارفور وجبل مرة.. فشلت قوات (اليوناميد) في أداء واجبها وباتت (اليوناميد) نفسها لقمة سائغة للحركات المتمردة.. في هذا المناخ طرحت السلطة الانتقالية مبادرة عرفت بمبادرة “صديق ودعة” رجل الأعمال الشهير، ومنذ انعقاد مؤتمر أهل دارفور تم تفويض لجنة “ودعة” للاتصال بالحركات المسلحة وحملها على مد جسور التواصل والتفاوض مع الحكومة، وضمت لجنة “ودعة” مختلف القبائل الدارفورية ومعظم مكونات دارفور السياسية من أحزاب في الساحة السياسية، وشكلت أحزاب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي والمنشقين من الحركات المسلحة وجوداً فاعلاً في مبادرة “صديق ودعة” التي أكثرت من الإسفار والترحال والتقى قائدها بكل الحركات المسلحة للثقة التي يحظى بها عند “جبريل” و”مناوي” و”عبد الواحد”، ولكن المبادرة حتى اللحظة لم تنجح في إعادة الحركات المتمردة لطاولة المفاوضات إما بسبب عدم اهتمام الحكومة بها أو لعدم جدية الحركات المسلحة.. ولكن في الشهور الأخيرة رمى الزغاوة حجراً كبيراً في بركة ساكنة وقرروا الخوض في العملية السلمية بعد أن أدركت قيادات الزغاوة في الداخل إن لها دوراً تاريخياً.. مثلما أشعل الحرب بعض أبناء الزغاوة وهم يشكلون عصب ولحم تلك الحركات و(80%) من قوة التمرد من الزغاوة. انطلقت مبادرة أم جرس من داخل الأرض التشادية ووجدت المبادرة دعماً من الزغاوة في تشاد، والرئيس “إدريس دبي” الذي يتولى شقيقه منصب السلطان في القبيلة العريقة..كما وجدت المبادرة الدعم من الرئيس “عمر البشير”.. وتسارعت خطاها من لقاءات في أديس أبابا إلى كمبالا ليفتح الزغاوة ثغرة في الجدار المسدود لما لهم من نفوذ ويد على الذين يحملون السلاح.. وبعد انتزاع الزغاوة موافقة قادة الحركات الرئيسية “مناوي” والعدل والمساواة بات توحيد جهود المصالحات والتسويات ضرورة من أجل حصاد ما تم زرعه خلال الفترة الماضية ولقاءات وحدة المبادرتين أي لجنة الاتصال المنبثقة عن السلطة الانتقالية باعتبارها مبادرة حكومية وآلية أم جرس كمبادرة أهلية شعبية في جسم موحد شكل تطوراً جديراً بالاعتبار والنظر إليه بقدر من الجدية من جهة الحكومة وآلياتها ممثلة في مكتب سلام دارفور.
فمنذ اندلاع الحرب الدارفورية عام 2003م، لم يتفق أهل دارفور وخاصة القوى الرئيسية والفاعلة على ضرورة التفاوض وتحقيق السلام مثلما اتفقوا مؤخراً!!
وإذا كان الزغاوة اليوم يمثلون رقماً هاماً في معادلة الحرب والسلام، فإن القبائل العربية تمثل المعادل الآخر للزغاوة فلا سلام في دارفور بلا اتفاق العرب والزغاوة وإقدام الفور على خطوة كالتي أقبل عليها الزغاوة بلقاء “عبد الواحد محمد نور” وإقناعه بأن الذي حمل “جبريل” و”مناوي” سيحمله أيضاً للجلوس وحل نزاع آن وقت صمت بنادقه!!