شهادتي لله

خمسون مليون دولار لصالح (الفراخ)!!

} استفزني عنوان لتصريح صادر عن عضو بشعبة الدواجن التابعة لاتحاد أصحاب العمل في (مادة تسجيلية) مدفوعة الثمن قال فيها (إن قطاع الدواجن يحتاج إلى خمسين مليون دولار لإنقاذه). مسؤول أو (تاجر) آخر بذات الشعبة (التجارية) حذر من أن قطاع الدواجن سيتعرض لانهيار كامل إذا لم تتدخل الدولة خلال (45) يوماً..!!
} ولا شك أن الأخوة المستثمرين المحليين يتعمدون استخدام مصطلح (قطاع)، لإضفاء صبغة (القضية العامة) و(الهم العام) على (بزنس) خاص يدر مليارات الجنيهات في (حسابات) و(جيوب) أصحابه، لا خزائن وزارة المالية والاقتصاد الوطني!
} لماذا تدفع الدولة (خمسين مليون دولار) لمساعدة (تجار) لا يبيعون (دواجن) هذا (القطاع) المزعوم للمواطن المسكين بعشرة جنيهات للكيلو جرام؟!
} دعم الشركات (الخاصة) أو تلك التي تدير استثمارات خاصة لجهات (رسمية)، بدولار (السعر الرسمي) بعشرات الملايين من الدولارات، سواء في مجال (الدواجن) أو (الدواء)، أو قطاعات متوهمة أخرى ثم تأتي تلك الشركات لتبيع منتجاتها وسلعها المستوردة للمواطن بما يعادل (دولار السوق الأسود).. أي (8) جنيهات للدولار، هو قمة (الاستهبال) والتمادي في (الاحتيال) على الشعب والحكومة بمساعدة موظفين (كبار) و(صغار) في دواوين ومؤسسات اقتصادية ومصرفية حكومية!!
} خلال رحلتي الأخيرة إلى “القاهرة” احتجت لأقراص من عقار مضاد للاضطرابات الهضمية، فحصلت على (علبة) مقابل (سبعة جنيهات) مصرية لا غير، بينما أنواع أخرى من ذات الدواء، بفاعلية أقل – حسب تجربتي – مستوردة من شركات (أردنية) و(سويسرية) وتطرح في صيدليات الخرطوم بأسعار تتراوح من (ثلاثين) إلى (أربعين) جنيهاً!!
} سبعة جنيهات (مصرية) تعادل سبعة جنيهات (سودانية)، فلماذا تفرض علينا شركات الأدوية في السودان، بعلم ومعرفة ومساعدة مجلس الصيدلة والسموم أصنافاً محددة من العقارات ومن دول بعينها، وبأسعار فلكية، ليكسب (وكلاء) الدواء، ويخسر المواطن السوداني، ويزداد فقراً على فقر تحت ضغط (فواتير) الدواء الباهظة!!
} آلاف البدائل لأدوية (مسجلة) في السودان، متوفرة وبجودة عالية في “مصر” ودول أخرى وبأسعار زهيدة للغاية، (بضعة) جنيهات لا أكثر، وليس (عشرات) الجنيهات، كما يحدث في صيدليات الخرطوم، ومجلس الصيدلة يتفرج، ويُُعقِّد إجراءات تسجيل الأدوية والانفتاح نحو (البدائل) الجيدة الرخيصة، وهذا بالتأكيد يصب في مصلحة بعض (الوكلاء) والتجار، فيزدادوا هم ثراءً فاحشاً على ثرائهم، ويموت المساكين على أسِِرََّة المرض العضال ونقالات الموت الزؤام!!
} (بعض) شركات إنتاج الدواجن في كثير من الأحيان لا تراعي الجودة في المواصفات، فتدفع بكميات غير صحية من (الفراخ) للأسواق، وهذا ما أكده لي صاحب ثلاجة تبريد يتعامل مع هذه الشركات بقوله: (لو طبقت المواصفات، لما دخلت الأسواق كميات مقدرة من الفراخ المبرد)!!
} ولكن – والسؤال لنا – من يراقب ومن يحاسب.. وأين هي تلك الهيئة المسماة (مواصفات ومقاييس)؟ أين هي من التلاعب في تواريخ انتهاء الصلاحية، وأين هي من السلع الفاسدة التي يعاد تسويقها في السودان بأختام (مزورة).. هنا في قلب (السوق العربي)؟!!
} إنها قطاعات إنتاج (خاصة) يمكن للدولة مساعدتها بتخفيض الضرائب والجمارك، وإلغاء الجبايات غير القانونية، وتوحيد جهات التعامل الحكومية، ولكن ليس من أولويات الدولة تمييزها بدعم (دولاري) خاص، ما دامت تحدد أسعاراً باهظة لمنتجاتها، ولا تراعي معاناة هذا الشعب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية