رأي

نغمة الانفصال

} لو سأل أي واحد من الانفصاليين نفسه بعض أو كل هذه الأسئلة لكانت إجابته ترك الدعوة للانفصال. من الأسئلة المهمة: هل أي إقليم وبإمكاناته وحده قادر على أن يكون دولة؟ ألا يعتمد على باقي الولايات حتى في طعامه اليومي؟ هل لديه موارد مياه كثيرة تمكنه من الزراعة بل حتى من توفير مياه للشرب؟ هل وجد الجنوب بعد الانفصال السعادة والحرية التي بحثت عنه أم وجد الشقاء والعذاب المستمر؟ لماذا يساند الأوروبيون أي شخص يدعو للانفصال ولا يشجعون الذي يدعو للوحدة؟ هل لأنهم يتمنون له الخير؟ ألا يمكن الدعوة للانفصال بطريقة سلمية؟ لماذا يسمح الأوروبيون لكندا أن يكون فيها أكثر من مائة قومية بلغات مختلفة ولا يشجعون الانفصال هناك؟
} هذه الأسئلة وغيرها تحدد الإجابة عليها ما إذا كان خيار الانفصال هو الأفضل أم العكس؟ لا أعرف من الذي غرس في السودانيين أنهم من أعراق مختلفة وكنا خلال عدة قرون نتصرف باعتبارنا شعباً واحداً لأي واحد الحق في الإقامة في أي جزء فيه بحرية. منذ أن نشأنا وجدنا النوبة وأطفالهم يعيشون بيننا ولم نكن نرى في ذلك أي وضع غريب. حتى في أقصى الشمال الآن لو ذهبت لوجدت عشرات الأحياء بها سكان من مختلف أنحاء السودان يتحدثون نفس اللهجة ولا تستطيع أن تفرق بينهم وبين باقي السكان. يقيمون في نفس المنازل ويأكلون من نفس الطعام ولهذا فشلت كل الدعوات الانفصالية لأنه ببساطة ليست هناك قضية اضطهاد فمن هذا الذي أقنع بعض السكان أنهم مضطهدون؟؟
} طوال المرحلة الابتدائية كنا ندرس تفاصيل محاكمة البطل “علي عبد اللطيف” النوباوي الذي قاد الضباط في تظاهرة ضد الإنجليز لأنهم يريدون تمزيق الاتحاد بين السودانيين. ودرسنا أيضاً ما قام به “عبد الفضيل ألماظ” النوباوي وهو يدافع عن السودان الموحد مع مصر دون أدنى إحساس أنه ينادي بدعوة عنصرية.
} منذ أن فتحنا عيوننا وجدنا أبناء غرب السودان وجنوبه يدافعون عن السودان دون أدنى إحساس أنهم يدافعون عن كيان غريب فما الذي حدث وجعل بعضهم يقاتلون في سبيل فصل ولاية عن باقي السودان بكل هذا الإصرار؟ هل الخطأ منا لأننا لم نتح لهم فرصة التعبير عن آرائهم؟ لقد كنا في ذلك الوقت نمارس حكماً ديمقراطياً يبيح أي نوع من الصراخ فما الذي حدث؟ حتى عندما جاء حكم عسكري حرص أن يجعل لهم نصيباً في السلطة مثل باقي السودانيين. حتى الجنوبيين الذين صوتوا للانفصال هاهم يعضون بنان الندم لأنهم اكتشفوا أن منطقتهم لا تحمل مقومات دولة لا الآن ولا بعد مائة عام. نعم التفكير القبلي ما زال يحكم بعض سلوكنا وعاداتنا ولكن ذلك شيء مشترك بين كل الأعراق نستطيع أن نقول إنه لجماعة.
} آلاف الأرواح أزهقت في اللا قضية لمجرد أن الدول الأوروبية تريد قضية تتسلى بها ولا تشجع السلام ولماذا لا نسأل أنفسنا السؤال المحرج: لماذا يساندني الأوروبيون وحدهم ويحجزون لي الفنادق لمجرد أنني أدعو للانفصال؟
> سؤال غير خبيث:
كم عدد الذين قتلوا في حروب انفصالية؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية