البروف
لم أستغرب حشود الحاضرين أمس بقاعة الصداقة لفعالية تكريم البروفسور “إبراهيم غندور” مساعد رئيس الجمهورية من جانب قواعده في (اتحاد العمال) إذ حضر الجميع تقريبا ، معارضة وموالاة ، موظفون وعمال ، سياسيون ومفكرون و(قوات نظامية) وسبق هؤلاء جميعاً المشير “البشير” رئيس الجمهورية الذي بدا متهلل الأسارير يطلق الملح في مناقب مساعده الجديد وقطعا فإن” البشير” نفسه أسعد الحاضرين بما رأى أمامه من إجماع تلمسه واحتشاد لا رياء فيه.
تعود الناس في مثل المناسبات أنها تأتى باردة ، معلبة الأحاسيس شكلية المراسم لكن ما رأيته بقاعة الصداقة كان مختلفا، كان الاعتزاز بالمكرم شعورا حاضرا في همسات الجميع، وقد لاحظت شيئاً غريباً أن الجميع بدوا وكأنهم يعرفون الرجل معرفة شخصية ولصيقة، وأعتقد أن هذا البعد (الشعبي) أحد دوافع تصعيد البروف إلى موقعه الحالي في القصر والحزب وكلاهما منصبان لا يتاحان لشخص بلا أنصار وحضور.
“غندور” استطاع في حقبة رئاسته لاتحاد العمال منح الكتل النقابية وزناً وقدرة على الحضور الإيجابي في المشهد العام، ولم يفعل ذلك بتدجين النقابة والعمل النقابي، بل على العكس كانت ثمة مساحات وافية لها في مجال المطالبة بالحقوق والنزاع حولها، ولم يتخلف الاتحاد العام لنقابات عمال السودان عن نصرة عامل مهيض أو مجموع عاملين، ولكنه في الوقت ذاته لم يحرف تلك المواقف إلى خارج نطاق مواقفها الموضوعية، بمعنى أن” غندور” نجح في أن يكون المنشط النقابي خالصا من أوطار المماحكات السياسية مع المعارضة أو السلطة، بحيث تنال المطالب أو تطلب دونما فواتير مستحقة لصالح هذا الطرف أو ذاك.
شخصية مساعد رئيس الجمهورية الجديد ونقيب العاملين المنصرف أسهمت في غير قليل من إيجابيات النجاحات التي أنجزها، فهو يجمع بين نباهة العالم (البروفسير) وتواضع (ابن البلد) ودهاء أهل الريف وترتيب أولاد المدينة، كما أنه شخصية منفتحة تتقبل الآراء دون التوقف عند إطار منطلقاتها فكل مبادرة له هي عين حكمة يطلبها وكل فكرة مناسبة قابلة للتنفيذ بمعنى أنه يمنح الآخرين مساحاتهم ولا يختزل معتقد الموقف والحدث في تصوراته الخاصة ويضاف إلى كل هذا روح سمحة لا تخاشن الآخرين ونفس صافية تقدر الجميع وتنزلهم منازلهم المستحقة.
وأؤكد أن المؤتمر الوطني والسودان على موعد مع (نيولوك) معنوي وإيجابي سيعزز مطلوبات المرحلة المقبلة في التواصل مع الآخرين من قوى سياسية أو تمتين البناء الداخلي للمؤتمر الوطني الذي سيكون الآن أكثر قوة وبسياسة القوة الناعمة، وأضمن لكم و(املأ يدي) بأن اختراقات كبرى ستحدث وبشكل لم يكن كثيرون يتوقعونه، وحسب ما رأيت بالأمس من الرئيس” البشير” وسمعت فيبدو أن هناك مهاماً خاصة وكبيرة قيد الإجراء اختير لها رجل بمواصفات مميزة.
إن أكثر الناس معاناة بذهاب البروفسور إبراهيم غندور سيكون خلفه الجديد الذي عليه التدبر كثيراً في مناهج سلفه ولن يخسر أو يخسر العاملون.