أخبار

أنجز الجيش ووفى

تمضي القوات المسلحة نحو أهدافها في محاور العمليات المختلفة بجنوب كردفان ودارفور، وتحقق انتصارات واسعة وتعدل الوضع تماماً بحيث أن خيارات التمرد، لن تخرج بعد أسابيع وأيام عن التفاوض بلا سقوفات عالية، أو الاستسلام الكامل. ويبدو عسكرياً أن الوضع قد حسم بنسبة كبيرة ليبقى الدور الآخر والمنتظر يندرج في باب مسؤولية السياسيين والتنفيذيين ومنظمات المجتمع المدني، فلكل هذه الفئات أدوار ومطلوبات لا تقل أهمية وضرورة عن العمل العسكري وجهده.
عقب تحرير “الكرمك” أذكر أن رئيس الجمهورية وجه توجيهات واضحة ومحددة، ركز فيها على أهمية جعل المنطقة آمنة بالعمران والاستقرار والبنية الاقتصادية المؤهلة، بحيث تنتقل حياة الناس من حالة الحرب إلى السلام الاجتماعي المتماسك. وأذكر أن حماسة قد دبت بين نشطاء المنظمات الوطنية وأكثر المتحدثين أحزاب وجماعات في تعضيد المبادرة، لكنه كان تعضيدا (كلام ساكت). وأغلب الظن أن الفكرة قد قضيت ولن يتذكر أحد الكرمك إلا إن تعرضت مرة أخرى لقصف أو أزمة ما، مثلها مثل المدن التي لا نذكرها إلا حين العسرة .
الآن بجنوب كردفان جرى عمل عسكري كبير، وطالت يد الجيش معاقل وحصوناً حصينة للمتمردين، لم تطأها قدم قوات نظامية حتى في فترة التمرد الذي سبق الإنقاذ نفسها وفى الطريق رئاسة المتمردين بكاودا والتي يمتد بعدها بسط الأرض بإزالة كافة عناصر الإرهاب والجريمة إلى كامل حد حدودنا مع الجنوب فيما وراء بحيرة الأبيض والجاو، ولكن هل يعني هذا أن يتوقف الناس ويمسكوا أيديهم باعتبار أن الأمر قد طوي.
الإجابة لا ثم لا ما لم يتم تعهد كل تلك المناطق وأهلها بالعناية والدعم فإننا لم ننجز شيئاً، وقد يختفي التمرد لسنوات أو فترة لكنه سيعود في لحن القول وتوظيف أحوال الناس وإهمالهم ،فتنشأ خلية جديدة وندور بعد أن يتدخل أصحاب الغرض والمرض في ذات الحلقة القديمة اللعينة، كر وفر وحرب تلد أخرى وكأنما مساحات هذا البلد لا تكتمل إلا بنجع الدماء.
المرحلة المقبلة بعد اكتمال العمليات العسكرية تتطلب تحركا للدولة والجهاز التنفيذي الجانب المدني فقد أوفت وزارة الدفاع الوطني ووزيرها والقوات المسلحة والقوات النظامية المساندة لها بما وعدت وتعهدت ،والكرة الآن في ملعب البناء العمراني والمعنوي ومد ظل الوطن إلى أولئك السودانيين الذين احتجزوا قهرا في كامل مناطق العمليات، وجعل منهم التمرد درعا بشريا ومخرج طواريء إن ضاقت عليه الأرض بما رحبت، واعتقد أ ن ما جرى من خذلاننا للكرمك يجب ألا يتكرر مرة أخرى في المدن والبلدات العائدة بجنوب كردفان، ويجب أن تكون منظماتنا الوطنية الإغاثية والإنسانية ومنظمات المجتمع المدني السودانية حاضرة في عملية الإسناد المدني. وهذه عليها منذ الآن ترك عادتها الغريبة في الإعلان كل مرة عن أنها ستغيث الناس في آسيا وأفريقيا في هذا البلد أو ذاك، وأبناء جلدتها من السودانيين لا يرونها إلا في إعلانات الصحف والمؤتمرات الصحفية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية