رأي

حوار "الصادق المهدي"..!!

الحوارات الإذاعية تتطلب سرعة البديهة، وذلك الحس الخاص لمعرفة النقاط الساخنة أثناء حديث الضيف واغتنامها بسرعة وتحويلها إلى نقاش يجعل الضيف يخرج كل ما عنده من آراء وأسرار. وخلال فترة عملي بـ(ألوان) كان “حسين خوجلي” يستدعيني دائماً عندما يكون الضيف من العيار الثقيل فكرياً أو يكون أجنبياً ناطقاً بالإنجليزية، وحينها يكون دوري الترجمة فقط، وأذكر عندما قرر أن تحاور (ألوان) الإمام “الصادق المهدي” أنه استدعاني قبل يوم من اللقاء ليطلب الاستعداد لأن الحوار مع “الصادق” بحاجة إلى ثقافة عريضة في مختلف المجالات وإطلاع على تاريخ الرجل ومعاركه، وقال لي: (أريدك أن تذهب مع “أمل تبيدي” لأن هذا الرجل سيبتلعها والمطلوب منك أن تجري الحوار أنت وأمل ستعاونك)، وطلب مني الاستعداد جيداً لهذا الحوار بمراجعة كل التاريخ السياسي له ودراسة أفكاره (لأني أريده حواراً فكرياً بحجم قامة الرجل).. هذا هو “حسين خوجلي” الذي عرفته خلال عملي معه لفترة قاربت العشرة أعوام، ولكن لا أعرف لماذا أحسست أن “حسين” لم يعد يهتم بهذه النواحي وتلك المذيعة تحاور الإمام، رغم أن المذيعة اجتهدت وحاولت أن تحاصر “الصادق” لكنه كان يفلت منها في كل مرة.. لقد اكتفت بالسعال المتواصل ولم تهتم بالأسئلة والمعلومات عكس زميلها “عماد سيد أحمد” الذي أدار الحوار مع ذلك الشيخ الجليل.. لقد كان حواراً حقيقياً استعد له “عماد” جيداً، واستطاع أن يستخرج منه كل المطلوب بأدب وتهذيب رغم سخونة الملاحظات.
من الواضح أن تلك المذيعة الأنيقة لم تهتم بفكر الإمام، ولم تراجع تصريحاته الأخيرة، وربما كانت تلك نصيحة من أحدهم بتجنب النقاط الساخنة للابتعاد عن المشاكل، وركزت معظم كلامها عن الجائزة التي نالها في الفلبين مع أن الكلام حولها لا يهمنا كسودانيين، بينما مرت سريعاً حين الكلام عن لقائه بـ”البشير”، مع أني توقعت وقفة طويلة جداً هنا، تتوغل في ماضيه السياسي خاصة في عهد الراحل “نميري”، وسؤاله عن السبب الذي جعله يقبل المصالحة بسرعة مع “نميري”، بينما الآن لا زال يقدم قدماً ويؤخر أخرى رغم وجود قواسم مشتركة مع هذا النظام أكثر من نظام “نميري”، ولا أعرف السر في إصرار السيد “الصادق” على أن الحركات المسلحة لها الكثير من الأتباع.. لقد توقعت أن تقول له إن هذا يمثل فشلاً لحزبكم الذي كان يعدّ منطقة كردفان ودارفور مقفولة له، والسؤال المتوقع هنا: لماذا رفع الحزب يده عن دارفور وتركها للحركات المسلحة وحدها تمرح فيها؟ وألاحظ أن “الصادق” يكثر الحديث عن المظالم التي حلت بدارفور، وأسأله: إن كانت هناك بالفعل مظالم فهل ينتظر هؤلاء المظلومون أحداً ليذكرهم بها؟ إن المظلوم يثور دون انتظار أحد، ونحن نعرف أن الحرب الحالية في دارفور تحركها أيدٍ أجنبية، ونعرف أن هناك مخططاً لتقسيم السودان إلى أربع دول، نجح الجزء الأول منه في فصل نفسه أي الجنوب دون أن يكون الجنوبيون مستعدين لذلك، لذا فوجئوا بأنهم في دولة دون بنية أساسية، لدرجة أنهم لم يجدوا الذرة التي يأكلونها، وهم الآن يشترونها من السودان الذي انفصلوا عنه.
وأعجبني حديث الإمام عن الديمقراطية والحاجة إلى اتفاق كل الفعاليات السياسية حول دستور، لكن حديثه عن المجاعة المتوقعة الذي نقلت الصحف بعضه يحيرني.. إنه يقول ذلك في الوقت الذي تستجلب فيه الأيدي العاملة من أثيوبيا وإريتريا للمشاركة في حصاد الذرة.. فهل لدى “الصادق” معلومات في هذه الناحية لا نعرفها نحن؟!
> سؤال غير خبيث
هل تُرى “الصادق المهدي” هو الأصلح لوظيفة رئيس الوزراء حالياً؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية