"مبيور" متمرداً!!
} الشعب السوداني في (الوطنين) الشمالي والجنوب يتعاطف بقدر مع أولاد الراحل “جون قرنق” من صلبه، لا أولاد “قرنق” الفكرة والمشروع الذي وأدته واقعية الانفصاليين، ومبعث التعاطف الإنساني مع أسرة “جون قرنق” للطريقة التي مات بها “قرنق” في سفح جبل الأماتونج بعد (21) يوماً فقط من توليه منصب النائب الأول في حكومة السودان الانتقالية، ومنذ مقتله (تاهـ) الجنوب في دروب القبلية والعنصرية، وأصبحت أرملة الراحل “جون قرنق” (ماما) “ربيكا” أيقونة النضال والحرية لشعب دفع ثمن الوحدة ودفع صمن الانفصال والآن يدفع ثمن أخطاء قادته ونزواتهم وأحلامهم.
} “مبيور جون قرنق” الابن الأكبر للزعيم الراحل، ينظر إليه الجنوبيون بعين العطف، وتقديراً لوالده عاش بعد رحيله على هامش الأحداث.. مراقباً لما يجري، يكظم غيظه حيناً ويجرح كبرياء الحكام ببعض الانتقادات الجريئة لمسارات الجنوب.. الأحداث العاصفة التي يشهدها الجنوب الآن دفعت “مبيور” أو اندفع الشاب كثيف اللحية ليرمي بحجر في لجة الأحداث الدامية، ويختار “مبيور” لنفسه موقعاً في طرفي الصراع ميمماً وجهه لمجموعة د.”رياك مشار” ويضع والدته “ماما ربيكا” في مقدمة الصف المناوئ للرئيس “سلفاكير”، متوعداً خليفة والده بفقدان سلطته عما قريب، ومتهماً الرئيس “سلفاكير” بتدبير ما حدث لإزاحة وإقصاء خصومه ومنافسيه بذريعة انقلابهم على الشرعية.. وقال “مبيور” في حديث بثته المواقع الإخبارية أمس (السبت) إن الرئيس “سلفاكير” باع استقلال جنوب السودان لخصومه، متهماً “سلفا” بالوقوع في أحضان دولة السودان.. وفضح “مبيور” نفسه والتيار الذي يخوض الآن معركته النهائية مع “سلفا” حينما زعم أن الجنوب لن ينال حريته واستقلاله الحقيقي من دون المساهمة في تغيير نظام الحكم في السودان القديم.
} تلك هي (عقدة) أولاد “قرنق” بالفكرة وأولاد “قرنق” بالتناسل.. فالسودان بعد أن ذهب الجنوب لسبيله بمحض اختيار أهله، لا تستطيع قوة في الأرض أن تفرض عليه الخيار الذي تريده.. وإذا كان تيار أولاد “قرنق” يملك القدرة على التغيير وفق رؤيته للسودان الجديد، فلماذا استسلم أمام واقعية تيار القومية الجنوبية الذي اتخذ خيار الانفصال كرغبة لشعب الجنوب، وتوارى أولاد “قرنق” بالصمت والمداهنة.. والمواقف الرمادية حتى تحقق استقلال جنوب السودان؟!
} “مبيور قرنق” تحدث بنبرة حادة محرضاً الرئيس “سلفاكير” على الإقدام على اعتقال “ماما ربيكا” إن كان يملك القدرة على فعل ذلك، وتحمل تبعاته سياسياً، لينصب ابن الراحل شركاً لسلفاكير، لأن “مبيور” يسعى لرفع قميص “ربيكا” فوق سنان الرماح والتحريض ضد السلطة وإثارة الأسود في عرينها.. ويجهل “مبيور” كثيراً من حقائق الواقع في السودان وجنوب السودان، حينما يستسهل التغيير في الخرطوم، كأن الدولة الوليدة تملك مفاتيح التغيير.. ولو كان الأمر كذلك، فلماذا الرهق ودفع ثمن باهظ؟!
} “مبيور قرنق” تبدت انتهازيته في اختياره للوقوف في خندق التيار المناوئ لسلفاكير، وتقديم “ماما ربيكا” طعماً حتى يصعد نجمه في الساحة الجنوبية، ويستغل تعاطف غالبية الجنوبيين مع الأسرة المكلومة وتوظيفها في الصراع الدامي بجنوب السودان الآن!!
} “مبيور قرنق” لن يحمل سلاحاً ويقاتل من أجل أن تسود وتنتصر قناعاته التي عبر عنها في الإعلام، ولكنه يقاتل بقميص “ربيكا” وعواطف الجنوبيين واسم “جون قرنق” لهزيمة الرئيس “سلفاكير ميارديت”والذي لن يخوض معركته بطبيعة الحال لوحده، فالذين وقفوا معه في عسره وأيام مسغبته لا يزالون في الميدان.. ولن ينتهي الصراع الدامي الذي يشهده الجنوب حالياً بانتصار “سلفا” على “مشار”، ولا خيار أمام المتصارعين إلا المصلحة والصفح والعفو حتى لا يذهب الجنوب كدولة للتلاشي وتهدر مكاسب تحققت بنضال طويل.. وتخرصات الشاب “مبيور قرنق” ومحاولته المتاجرة بقميص “ربيكا” وعواطف شعب الجنوب هو ما يورد المهالك ويبدد المكاسب!!