أخبار

«تور طعان»

عودة العمل والنشاط على خط قطار السكة الحديد الناقل للركاب بين “الخرطوم” و”نيالا”، وهو الخط الرابط بين “كذا” ولاية عمل كبير وعودة مباركة، وسيسهم اقتصادياً واجتماعياً بعد أن تقطعت السبل بالناس وعز نصير الطيران، وأُهمل في وقت سابق خط السكة الحديد نفسه، فاندثرت المحطات وخيَّم الحزن على “تور طعان” و”أم كردوس” حينما كان الركاب يشترفون منها أنداء المدينة الكريمة “نيالا”.
القطار العائد برزيم صدره، وأنس المتسامرين داخله توقف لعشر سنوات أو تزيد ليعود أمس الأول عودة أمل إلا يفسدها ارتكاب حماقة من بعض الذين احترفوا تدمير ولايات جنوب دارفور، وقد آن لأولئك الأشرار الإحساس ولو للحظة بمعاناة أهلهم بعدم التعرض للقطار، لأنه آخر الأمر ومنتهاه يحمل مدنيين عزل وأسر وعوائل يعتبر الانتقال بالنسبة لها بواسطة القطار أقل كلفة مالية وأكثر أماناً بعد أن صارت قيمة التذكرة بطيران الشركات الوطنية أضعافاً مضاعفة لدرجة أنه أيسر لك الطيران إلى “تايلاند” من طلب تذكرة إلى “الفاشر” أو “نيالا” ليأتي القطار ليكون “قراب بعيد” بحيث يمكن لسكان حواضر الولايات الدارفورية النزول في محطة حاضرة جنوب دارفور والانتقال بعدها بالبر إلى المدن المجاورة شمالاً ووسطاً وغرباً وحبذا إن امتد خط السكة الحديد نفسه ليصل إلى “الجنينة” وغيرها.
إن نشر شبكة القطارات بين ولايات دارفور قد يُحدث نقلة وتواصلاً وتقارباً بين كل المكونات، فضلاً عن أنها مسألة ذات أبعاد اقتصادية وأمنية في إقليم مساحاته واسعة ويتمدد جغرافية ليشكل قوساً يمكن أن ينفتح منه السودان على “تشاد” و”أفريقيا الوسطى” رغم عللها ثم “ليبيا”، ومن هناك إلى عمق الشمال الأفريقي والغرب، ولذا فمن الضروري التعامل مع مشروع عودة قطار “نيالا” بأفق أوسع من النظر إلى مجرد مناسبة خاطبها رئيس مجلس الولايات ونشط فيها الأدباء وكُتاب الشعر والقصة، فالأمر أضخم من ذاك وأهم وبقليل ترتيب وصبر وتنوير للناس بأهمية وحيوية الأمر، فيمكن تدبر أمره ليكون آخر الأمر منجزاً لصالح الوطن الكبير بأسره.
واثق لو أن المواطنين هناك خُيروا بين مشروع طريق الإنقاذ الغربي و”القطار” وسككه لاختاروا الثاني، فالأول لم يسلمهم إلا إلى قبض السراب وصراع الشركات والمحاور وإعمال النهب، فضلاً عن الطريق نفسه “الإنقاذ الغربي” صار لعنة، فكل من يتقلد فيه مهمة ينتهي أمره إلى الخروج والمشاكل، وانتهى أمره ليكون خبراً صغيراً متكرراً بأن العام الفلاني سيشهد انتهاء الطريق في محور “كيت وكيت” ونسمع جعجعة ولا نرى طحنا، فوجد الضالون المضلون في الآمر فرصة لتسويق المرارات وإيغار صدور الناس حول السلطة والوطن بأسره بقدر لم يكن غريباً فيه أن يكون الطريق أحد ركائز منشورات وأعمال الحركات المسلحة منذ بداية ظهورها إلى الآن.
المهم الآن وقد دشن الخط الحديدي من جديد، فالأهم والمهم أن يتواصل العمل في هذا المشروع مهما كانت المعوقات والعقبات والمخاطر يجب ألا يتوقف لأي تهويش أو تخريب، الإصرار والمثابرة ركنا النجاح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية