رأي

الطرق الصوفية تقدم الإسلام الحقيقي

كشف “جوزيف استافورد” القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم عن إستراتيجية جديدة لبلاده تجاه السودان، مؤكداً أن تركيز (واشنطن) على الطرق الصوفية تأتي في إطار تمثيلها للإسلام الوسطي المعتدل والمسالم، مشيراً إلى أنهم يرغبون في الدخول للمجتمع السوداني عبر بوابة هذه الطرق..!
منذ أن عرفت بلادنا الطرق الصوفية لم يسجل على أي منها حالة اعتداء واحدة على الآخرين، ولم يعرف عنها حملها لأي نوع من السلاح، وبهذا عاشت هذه الحركات في توادد وتراحم، وإذا تحدثت مع أي واحد من مشايخ الطرق الصوفية عن الآخرين يبادر بإظهار احترامه والإشارة إلى أن أهدافهم واحدة.
وقد اهتمت هذه الطرق الصوفية بتعليم الناس القرآن والسنة، وفتحت الخلاوى لهذا الغرض وجعلت منها سكناً للحيران ومكان انطلاق للعمل في الحواشات.. وبهذا علمت الناس قيمة العمل وملأت وقتهم بالمفيد.. وكل واحد من أبناء هذه الطرق يحرص أن يكون سلوكه إسلامياً في كل شيء، ورغم ذلك لم يحاول واحد منهم إجبار الآخرين على تقليده، بل تركوا الناس أحراراً.. وهم بذلك يطبقون ما نادى به الله سبحانه وتعالى الذي خاطب موسى (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)، ولم يقل له قاتل “فرعون” إلى أن تجبره على الإيمان بالله، بل يكفي أن ترشده وما عليك بعد ذلك إن استجاب أو رفض.
وقد ركزت الطرق الصوفية على الناحية الاجتماعية وخدمت بذلك المجتمع، فأقامت الزيجات الجماعية عندما لاحظت ازدياد العوانس بسبب الحروب وسهلت أمر الزواج وجعلته في مقدور أي واحد مهما كان دخله.. ولم يشغل رجال الطرق الصوفية أنفسهم بصراعات السلطة، لكن أية سلطة كانت تسعى إليهم تطلب عونهم، وكانوا نعم المعين، إذ كانوا يطلبون من القيادة السياسية العمل بالإسلام قبل أن يعطوها تأييدهم ولا يهددون من لا يستجيب.
على العكس من ذلك تسير الجماعات التي ظهرت حديثاً التي جعلت الوصول للسلطة نقطة البداية لمشروعها، بل أعلنت أنها مسؤولة عن أسلمة كل العالم بالقوة، فجعلت من كلمة الإسلام مرادفة للعنف والإكراه مع أن الدين لا ينادي بذلك. اختارت الجماعات الصوفية طرح برنامجها عبر تطبيقه على نفسها أولاً، وأخذت تنشره عبر أي عضو فيها بالتمسك بالسلوك الإسلامي كاملاً، فكان كل فرد من أعضاء هذه الجماعة بمثابة دعاية لها، ولهذا أقبل الشباب على الانضمام لهذه الجماعات التي تهتم بالفرد في نفسه ومعاشه وسلوكه، ولم يجبروا أحداً على أن يسلك طريقهم، بل تركوا كل الناس أحراراً يختارون طريقهم بأنفسهم، وحتى لو اختار أحد جماعة أخرى يفرحون أن هداه الله للطريق.
والآن نجد في أوروبا شباباً كانوا مسيحيين، وعندما اختاروا الإسلام دخلوه عبر إحدى الطرق الصوفية، لأنها لا تجبر أحداً على أي سلوك، بل تعرض عليه المبادئ وتقدم له القدوة والأنموذج، وهذه هي أخلاقيات الرسول “صلى الله عليه وسلم” في دعوته، بل إنه قبل التراجع قليلاً عندما تطلب الأمر ذلك، فغضب “عمر” ولم يغضب الرسول “صلى الله عليه وسلم” لأنه عرف أن التسامح يجذب إليه الناس والعنف يبعدهم منه.. الآن نلاحظ أن كثيراً من الشباب الأوروبي اختار واحدة من هذه الطرق الصوفية ولبس زيها لأنه رأى فيها الإسلام الحقيقي المتسامح مع الآخرين الذي يحرض على تقديم القدوة والأنموذج ولا يميل للعنف إطلاقاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية