أخبار

قصة ليست للنشر!

كادت تبكي وهي تقول لي: (لقد خدعني كل هذه السنوات).. وقبل أن تكمل اعترافاتها كان أحد يطرق باب المكتب ودخل علينا مبتسماً دونما إذن، ثم اقترب مني مصافحاً: (كيف يا أبو الشباب).. وقبل أن أجيبه دس في كفي ورقة صغيرة ثم انصرف وهو يهمس لي:(جاو) أو ربما(باي).. لا أذكر.. فقصاصة الورقة الصغيرة استغرقتني وبدأت أقرأها لأجد مكتوباً عليها رقم هاتف فقط.. ولأني لا أعرف هذا الزائر الغريب فقد حاولت الإسراع إلى حيث ذهب لكني لم أجد له أثراً..!
تنبهت للمرأة التي قطع عليها اعترافاتها الحزينة صاحبنا هذا.. وأومأت لها بأن تستمر في سرد حكايتها، لأكتشف أنها قد غرقت في بكاء سري خافت.. فحاولت مواساتها بالقول: (هذا يكفي.. دعينا نواجه الأمر)!
قالت لي: (هل يعقل أن تعيش الزوجة مع زوجها عشر سنوات دون أن تكتشف أنه متزوج بأخرى غيرها؟!).. وأكملت: (الصدفة وحدها كشفته لي أمس حين وجدت قسيمة زواجه في مظروف صغير داخل خزانة ملابسه.. حيث نسى لأول مرة المفتاح..!).
قاطعتها: وما الذي يجعلك تبحثين في أشيائه الخاصة؟!.. كان بالإمكان أن تظلي معه العمر كله دون أن تكتشفي هذا السر المؤلم.
قالت: تريدني أن أظل )مغفلة( إلى الأبد!
قلت: على الأقل كنت ستتجاوزين هذه المحنة التي تعيشينها الآن.. لكن قولي لي كيف مضت السنوات العشر بينكما؟!
قالت: كانت هادئة تماماً.. صدقني لم يشعرني قط بأنه مشغول بامرأة أخرى غيري..!
قلت: وماذا تريدين أكثر من ذلك؟!
قالت: أريد الحقيقة!
قلت:هل تمت المواجهة؟!
قالت: لا.. أخشى أن يكون الأمر صحيحاً.
قلت: لقد شاهدت قسيمة الزواج.. الأمر صحيح!
قالت: أجل.. لكنني مازلت أتوهم غير ذلك!
قلت: تريدين نصيحتي.. لا تسألينه عن شيء.. فما حدث قد حدث.. دعيه يظن أنك لا تعرفين عن أمر زواجه بأخرى شيئاً.. على الأقل هذا سيجعله أكثر حذراً في استبقائك وإسعادك وعدم إشعارك بأنه متزوج بامرأة ثانية..!
قالت: لا أظنني سأستطيع كتم هذا السر.. سيكتشف أنني لست كما كنت!
قلت: ستكون الكرة في ملعبه.. هذا أفضل من أن تبادري أنتِ.. هل لديكم أطفال؟
قالت: ثلاثة..!
قلت: لأجلهم.. ألزمي الصبر.. أنزعي صفحة اكتشافك للسر الأليم من كراسة حياتك.. دعي الأيام تقول كلمتها.. فزوجك يحبك ويحرص على أبنائه..!
قالت: والخديعة!
قلت: هو يتعذب بسره أكثر منك!
قالت: وماذا يخبيء الغد؟
قلت: كل خير.. فالسنوات العشر تكفي لإذابة الجليد وتجاوز كل الألم..!
حين انصرفت محدثتي كانت أطراف أصابعي تدير أقراص الهاتف الذي أمامي على طاولة المكتب.. كنت متلهفاً لمعرفة سر الرقم الذي وضعه الزائر الغريب في كفي ثم انصرف مسرعاً.. و يأتيني من الطرف الآخر على الهاتف صوت رجل يعرف من أكون.. ليقول: (من كانت معك هي زوجتي.. لقد أخبرتني بأنها ذاهبة إليك لنشر قصتها الجديدة.. والذي سلمك قصاصة الورق هو أحد العاملين معي في الشركة.. أرجوك لا تنشر هذه القصة.. فهي بحاجة للكثير من التعديل.. انس تماماً أنك استمعت إليها..”!
ثم وضع سماعة الهاتف..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية